تمر المجتمعات الإنسانية بتغيرات تبدوا جذرية على مستوى الشكل لدى التحولات الدينية التي تعتريها على مدار تاريخها ولكن يظل المضمون كامن خلف هذا التغير الشكلي،فمن البديهي أن التفكير في الدين قديم قدم الإنسان و يُشّكل ذاكرة المجتمعات، تلك السمات الدينية القديمة سُمّيت بعد مرحلة الديانات السماوية بالأساطير،أي أن الأسطورة في شكل منها تجل للدين،أو كيفية التفكير البشري في الخالق على مدار التاريخ السحيق،ومن البديهي كذلك أن تترسب بعض الملامح الأسطورية في الوعي الاجتماعي ،وتتضح تلك السمات في مجتمعاتنا الشرقية لقدم اهتمامها بالشأن الديني.وإيران من أكثر الحضارات القديمة (حوالي 3000 ق.م.) التي بحثت عن المفاهيم والقيم الدينية.
كانت الديانة الرسمية في إيران قبل دخول الإسلام (الزرادشتيه) منسوبة لمنشئ الديانة ( زرادشت)، والفكرة الأساسية داخلها هي فكرة النور،فهناك خالق للعالم وهو إله النور،وهو الإله الأكبر وفي المقابل هناك إله الظلمة أو الكائن الشيطاني الذي يمثل كل شرور العالم،والوجود نتاج الصراع الأبدي بينهما فالحرب الأزلية سجال.وكل مرحلة إنتصار على الظلمة تشكل في الديانة مرحلة هامة وتتجسد بشكل طقوس خاصة والتي تسربت للوعي الشعبي بوصفها عيداً يُحتفل به كل عام مثل (عيد النيروز)،وهو أهم الأعياد الفارسية على الإطلاق،فهو عيد الربيع بعد انتصار إله النور على شيطان الظلمة الذي أوقع العالم في جدب وظلمة لا تنتهي، وفيه يتساوي الليل بالنهار أي النور بالظلمة ،وهو عيد بداية الحياة من جديد واكتمال نور الشمس،وفي مرحلة تالية نُسب هذا العيد لأحد الملوك الأسطوريين في إيران (جمشيد)،والذي أوكل له الإله بناء العالم بعد خراب شيطان الظلمة،وبعد انتهاءه من بناء البلاد وتعميرها وإرساء الأمان للبشر كان يوم النيروز،ومن يومها للأن تحتفل إيران به بوصفه عيد قومي تاريخي ـ كما تحتفل مصر بعيد شم النسيم ذا الجذور المصرية القديمة ـ بل أنه يُعد بداية السنة الإيرانية والتي تقابل تقريباً (20 مارس).حتى أن ممارسات العزاء التي كانت تُقام في إيران على بطلهم الأسطوري (سياوش) ـ تمت الإشارة له في العددين السابقين من صوت البلد تحت عنوان عزاء الحسين في إيران ـ كانت تُقام في النيروز.
ومع دخول الإسلام واعتناق إيران رسمياً المذهب الشيعي (القرن التاسع الهجري) ترسبت بعض المفاهيم القومية التاريخية في عمق المذهب لدى التناول الإيراني له،فمثلا روي عن الإمام (جعفر الصادق) الإمام السادس،أن يوم النيروز صادف يوم " غدير خُم" والذي بايع فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) علي بن أبي طالب بالخلافة من بعده ـ تبعاً للفكر الشيعي ـ ،وهو يوم معركة (النهروان) التي انتصر فيها علي على الخوارج الذين خرجوا عليه بعد أزمة التحكيم.بل أنه يوم خُلق آدم ويوم إستقرار سفينة نوح ،وهو يوم ظهور الشمس على الكون، والأهم أنه يوم عودة الإمام المهدي (الإمام الثاني عشر) الذي غاب ليعود في نهاية الزمان،فهو حسب تعبير جعفر الصادق (يوم الشيعة).كذلك هو اليوم التي سوف تقع فيه القيامة في المذهب الشيعي،ويستحسن فيه زيارة القبور وزيارة أضرحة الأئمة خاصة ضريح الحسين،وإيقاد الشموع والتوسل والدعاء،وهذا الأداء يتشابه كذلك في المذهب الزرادشتي فالنيروز كذلك يوم تقديس الموتى والتوسل بهم،وانسحبت تلك الفكرة لزيارة القبور لدى الشيعة.
ومن ضمن أشكال الدمج الأخرى بين الأسطورة الإيرانية والمذهب الشيعي أن مكان دفن زرادشت تحول إلى مدفن الإمام (على الرضا) الإمام الثامن لدى الشيعة والذي مات ودفن في مشهد.وكأن كان الهدف هو الحفاظ على مقبرة زرادشت فدفن مكانه شخصية ذات قداسة دينية تساويه في العقل الجمعي الإيراني. وكذلك قد بُني المسجد الجامع في أصفهان في إيران وهو من أكبر المساجد التاريخية،على أحد بيوت النار القديمة،أي تحول مكان العبادة الزرادشتي إلى مكان للعبادة كذلك ولكن من منظور إسلامي.خاصة وأن النار كانت مقدسة في الديانة الزرادشتية لكونها رمزاً للضياء لإله النور في ظلمة الليل وسطوة إله الظلمة،فكانت تُقام لها المعابد رمزاً للديانة ككل.فنُسيت الأصول وتبقت الأسماء الجديدة.
وعامة فإن توحد البيئة هو الذي ساعد على توحد البنية الفكرية للشعب الإيراني لدى تعاطيه مع فكرتين دينيتين،القديمة والإسلامية،خاصة إذا علمنا أن المجتمع الإيراني لم يتعامل مع أشكال الإحتلال الفعلي قبل دخول العرب،أي أنهم لم يمروا كما مر على المجتمع المصري بعد عهد الفراعنة من إحتلال روماني مثلاً،ثم دخول العرب بعد ذلك.كما أنهم رغم علمهم بالبديهة بالديانتين اليهودية والمسيحية لم يتنازل المجتمع الإيراني عن قوميته ولم يتخلى عن ديانته القديمة .هذا الإتجاه القومي هو المميز للشخصية الإيرانية في كافة مستوياتها التاريخي والسياسي والديني.
كانت الديانة الرسمية في إيران قبل دخول الإسلام (الزرادشتيه) منسوبة لمنشئ الديانة ( زرادشت)، والفكرة الأساسية داخلها هي فكرة النور،فهناك خالق للعالم وهو إله النور،وهو الإله الأكبر وفي المقابل هناك إله الظلمة أو الكائن الشيطاني الذي يمثل كل شرور العالم،والوجود نتاج الصراع الأبدي بينهما فالحرب الأزلية سجال.وكل مرحلة إنتصار على الظلمة تشكل في الديانة مرحلة هامة وتتجسد بشكل طقوس خاصة والتي تسربت للوعي الشعبي بوصفها عيداً يُحتفل به كل عام مثل (عيد النيروز)،وهو أهم الأعياد الفارسية على الإطلاق،فهو عيد الربيع بعد انتصار إله النور على شيطان الظلمة الذي أوقع العالم في جدب وظلمة لا تنتهي، وفيه يتساوي الليل بالنهار أي النور بالظلمة ،وهو عيد بداية الحياة من جديد واكتمال نور الشمس،وفي مرحلة تالية نُسب هذا العيد لأحد الملوك الأسطوريين في إيران (جمشيد)،والذي أوكل له الإله بناء العالم بعد خراب شيطان الظلمة،وبعد انتهاءه من بناء البلاد وتعميرها وإرساء الأمان للبشر كان يوم النيروز،ومن يومها للأن تحتفل إيران به بوصفه عيد قومي تاريخي ـ كما تحتفل مصر بعيد شم النسيم ذا الجذور المصرية القديمة ـ بل أنه يُعد بداية السنة الإيرانية والتي تقابل تقريباً (20 مارس).حتى أن ممارسات العزاء التي كانت تُقام في إيران على بطلهم الأسطوري (سياوش) ـ تمت الإشارة له في العددين السابقين من صوت البلد تحت عنوان عزاء الحسين في إيران ـ كانت تُقام في النيروز.
ومع دخول الإسلام واعتناق إيران رسمياً المذهب الشيعي (القرن التاسع الهجري) ترسبت بعض المفاهيم القومية التاريخية في عمق المذهب لدى التناول الإيراني له،فمثلا روي عن الإمام (جعفر الصادق) الإمام السادس،أن يوم النيروز صادف يوم " غدير خُم" والذي بايع فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) علي بن أبي طالب بالخلافة من بعده ـ تبعاً للفكر الشيعي ـ ،وهو يوم معركة (النهروان) التي انتصر فيها علي على الخوارج الذين خرجوا عليه بعد أزمة التحكيم.بل أنه يوم خُلق آدم ويوم إستقرار سفينة نوح ،وهو يوم ظهور الشمس على الكون، والأهم أنه يوم عودة الإمام المهدي (الإمام الثاني عشر) الذي غاب ليعود في نهاية الزمان،فهو حسب تعبير جعفر الصادق (يوم الشيعة).كذلك هو اليوم التي سوف تقع فيه القيامة في المذهب الشيعي،ويستحسن فيه زيارة القبور وزيارة أضرحة الأئمة خاصة ضريح الحسين،وإيقاد الشموع والتوسل والدعاء،وهذا الأداء يتشابه كذلك في المذهب الزرادشتي فالنيروز كذلك يوم تقديس الموتى والتوسل بهم،وانسحبت تلك الفكرة لزيارة القبور لدى الشيعة.
ومن ضمن أشكال الدمج الأخرى بين الأسطورة الإيرانية والمذهب الشيعي أن مكان دفن زرادشت تحول إلى مدفن الإمام (على الرضا) الإمام الثامن لدى الشيعة والذي مات ودفن في مشهد.وكأن كان الهدف هو الحفاظ على مقبرة زرادشت فدفن مكانه شخصية ذات قداسة دينية تساويه في العقل الجمعي الإيراني. وكذلك قد بُني المسجد الجامع في أصفهان في إيران وهو من أكبر المساجد التاريخية،على أحد بيوت النار القديمة،أي تحول مكان العبادة الزرادشتي إلى مكان للعبادة كذلك ولكن من منظور إسلامي.خاصة وأن النار كانت مقدسة في الديانة الزرادشتية لكونها رمزاً للضياء لإله النور في ظلمة الليل وسطوة إله الظلمة،فكانت تُقام لها المعابد رمزاً للديانة ككل.فنُسيت الأصول وتبقت الأسماء الجديدة.
وعامة فإن توحد البيئة هو الذي ساعد على توحد البنية الفكرية للشعب الإيراني لدى تعاطيه مع فكرتين دينيتين،القديمة والإسلامية،خاصة إذا علمنا أن المجتمع الإيراني لم يتعامل مع أشكال الإحتلال الفعلي قبل دخول العرب،أي أنهم لم يمروا كما مر على المجتمع المصري بعد عهد الفراعنة من إحتلال روماني مثلاً،ثم دخول العرب بعد ذلك.كما أنهم رغم علمهم بالبديهة بالديانتين اليهودية والمسيحية لم يتنازل المجتمع الإيراني عن قوميته ولم يتخلى عن ديانته القديمة .هذا الإتجاه القومي هو المميز للشخصية الإيرانية في كافة مستوياتها التاريخي والسياسي والديني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق