أحمد لاشين
مدونة تهتم بالشؤون الإيرانية
الجمعة، 23 ديسمبر 2011
الأحد، 13 نوفمبر 2011
الاثنين، 7 نوفمبر 2011
الأربعاء، 19 أكتوبر 2011
الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011
الجمعة، 7 أكتوبر 2011
الجمعة، 26 أغسطس 2011
الجمعة، 17 يونيو 2011
الأربعاء، 1 يونيو 2011
الثلاثاء، 19 أبريل 2011
الأحد، 10 أبريل 2011
الثلاثاء، 15 مارس 2011
الثلاثاء، 22 فبراير 2011
الأربعاء، 9 فبراير 2011
الاثنين، 17 يناير 2011
الاثنين، 3 يناير 2011
الأربعاء، 29 ديسمبر 2010
الأربعاء، 15 ديسمبر 2010
الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010
الاثنين، 6 ديسمبر 2010
السبت، 13 نوفمبر 2010
الجمعة، 5 نوفمبر 2010
الأحد، 31 أكتوبر 2010
الأحد، 17 أكتوبر 2010
الجمعة، 17 سبتمبر 2010
الخميس، 22 يوليو 2010
الخميس، 25 فبراير 2010
السبت، 20 فبراير 2010
الأحد، 14 فبراير 2010
الأربعاء، 13 يناير 2010
السبت، 9 يناير 2010
الاثنين، 4 يناير 2010
الخميس، 31 ديسمبر 2009
الأحد، 27 ديسمبر 2009
الجمعة، 25 ديسمبر 2009
الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009
الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009
السبت، 12 ديسمبر 2009
الاثنين، 30 نوفمبر 2009
الأربعاء، 11 نوفمبر 2009
الأحد، 18 أكتوبر 2009
الأربعاء، 14 أكتوبر 2009
الخميس، 8 أكتوبر 2009
الاثنين، 28 سبتمبر 2009
الأحد، 20 سبتمبر 2009
الأربعاء، 16 سبتمبر 2009
الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009
الأربعاء، 9 سبتمبر 2009
الثلاثاء، 11 أغسطس 2009
الأربعاء، 22 يوليو 2009
الأربعاء، 15 يوليو 2009
الاثنين، 6 يوليو 2009
الأربعاء، 3 يونيو 2009
الثلاثاء، 12 مايو 2009
الخميس، 30 أبريل 2009
القومية الإيرانية :( الذات ..... والأخر )
تتحدد طبيعة المجتمعات من خلال مواقفها من الذات والآخر بكافة أشكاله،هذا ما يبلور الهوية القوية على مدار تاريخها،ولإيران سماتها الخاصة والمغايرة في تناولها للقضايا المفصلية في تطوراتها المجتمعية وفهمنا لآلية التناول تلك يساعدنا على فض العديد من الإشكاليات التي قد تبدوا متباينة.
فـ(جمهوري إسلامي إيران) بالفارسية، ترجمتها " جمهورية إيران الإسلامية" ،فالقومية الإيرانية مُقدمة على الهوية الدينية، حتى وإن بدا العكس ،فأصل التركيب في اللغة الفارسية (جمهوري إيران) مضاف ومضاف إليه،و(إسلامي) صفة للتركيب الإضافي وحسب قواعد اللغة الفارسية تأتي الصفة في منتصف التركيب.فرغم كل الادعاء الإيراني أنها الناطقة بإسم الإسلام في العالم ،إلا أن الطابع القومي هو المؤسس لبنية الذات الإيرانية،وهذا يتضح من مجرد ذكر إسم الدولة.
فالذاتية متأصلة في الوعي الاجتماعي والتاريخي الإيراني ،تلك السمة الآرية التي أسست للعمق الحضاري الممتد منذ حوالي الألف الرابع قبل الميلاد،وتشكيل الإمبراطورية الفارسية ـ في فترة الحكم الساساني ـ التي شملت معظم أجزاء العالم القديم .ذلك الطابع التوسعي هو المؤسس للذات الإيرانية المتضخمة، ورغبتها الدائمة في نفي الآخر تحت مظلتها،حتى لو كان هذا الآخر هو الإسلام ذاته .
تتجلى تلك السمات القومية في مشاهد واضحة في السياق الإيراني.فالتعامل الإيراني مع الدخول العربي جرد تلك المرحلة من محتواها،وفصل الإسلام كدين عن التناول الإيراني للعرب كمحتلين برابرة هدموا الحضارة الفارسية،وظلت الأدبيات التاريخية الفارسية تحتفظ بلفظة (اعراب) ـ الدالة على البدوية والهمجية ـ لدى وصف تلك المرحلة الهامة من التحول التاريخي.وحاولت إيران جاهدة الاستقلال عن الحكم العربي وتأسيس حكومة مستقلة،وإن لم تستطع سعت إلى السيطرة على الحكومات العربية على تتابعها، فاحتوت كل الحركات المعارضة مثل الحركة العلوية وكل ما تلاها من تأسيس مذهبي شيعي، كما ساعدت الدعوة العباسية لهدم الخلافة الأموية وكان مركز الدعوة في (خراسان) وبفضل (أبو مسلم الخراساني) حَكم العباسيون (132هـ).وفي ظل الحكم العباسي سيطرت النزعة الإيرانية وملامح الحضارة الفارسية القديمة على نظم الإدراة العربية،بل وصل النفوذ الإيراني منتهاه في ظل (هارون الرشيد) والبرامكة الفُرس ، ثم مناصرتهم للمأمون ومقتل الأمين.حتى تمكنت إيران بعد هذه الفترة من إعادة إحياء القومية الفارسية على شكل دويلات مستقلة عن الحكومة العربية،حتى انهيار الخلافة العباسية (656هـ) على يد المغول،وانتقالها على المستوى الرمزي فقط إلى مصر في عهد المماليك.
القومية الإيرانية هي التي ساعدت على بقاء اللغة الفارسية اللغة الرسمية لإيران حتى الأن،رغم التحولات اللغوية التي طرأت على الخط الفارسي من الخط القديم (المسمى بالبهلوية) إلى الكتابة بالخط العربي،متزامن ذلك مع مساهمات ليست بالهينة في الثقافة الإسلامية (كالبخاري والطبري وسيبويه وابن المقفع وغيرهم من ذوي الأصول الفارسية)،حتى أن أعظم الملاحم الإيرانية (الشاهنامه) للشاعر (الفردوسي) التي تناولت الهوية الفارسية الأصيلة كُتبت باللغة الفارسية في العهد العربي وفي ظل الحكم التركي لإيران، وما ورد في الشاهنامه لا يشكل مجرد مرحلة أسطورية قديمة في الوعي الإيراني بل هو متأصل في الذهنية الإيرانية بوصفه تاريخ حقيقي حدث بالفعل،تاريخ ليس له أي سند تاريخي ،يحتوي كل الملامح الفولكلورية للملاحم الإنسانية،ولكنه مُكوِّن أصيل للذات القومية الإيرانية.
وفي العصر الحديث حاولت الدولة البهلوية (رضا شاه بهلوي ومحمد رضا شاه) العمل على تذكية الروح الإيرانية في مقابل محو الطابع الديني عن الدولة في ظل الحلم الكمالي التركي لتأسيس دولة علمانية، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل أمام سطوة الحوزات الدينية،التي أوقفت المد العلماني ليس خشية على الدين أكثر منه خوفاً على تواجدها في المجتمع،وتتطورت الأحداث وصولاً للثورة الإيرانية الإسلامية الشيعية التي نسجت كل خيوط اللعبة ضد الآخر.ذلك الآخر العربي في البداية ثم الغربي (الأمريكي مثلاً)،وظل الحلم الإمبراطوري يسيطر على كل تحركات المد الثوري في البلدان العربية تحقيقاً للذات الإيرانية متبعة أساليب التحايل أحياناً والصدام أحياناً أخرى.وإلى الأن ـ وفي ظل حكومة إسلامية ـ ما زالت إيران تحتفظ بمعابد الزرادشتية ليست مجرد رمز بل كدين قائم،بل أن هناك ممثلين للأقلية الزردشتية في البرلمان الإيراني،حفاظاً على القومية الإيرانية أمام الهوية الأمريكية المكتسحة للعالم،والتواجد العربي بأشكاله المختلفة في محيطها الإستراتيجي.
فمن المستحيل ادراك طبيعة الشخصية الإيرانية في كل أبعادها ،اعتماداً فقط على الجانب الديني أو المذهبي،أو حتى السياسي منفرداً،بل لابد من متابعة التحولات التي مربها المجتمع الإيراني، وصولاً للشكل القائم الآن،في محاولة لفهم الواقع الإيراني كما هو، لا كما نريد أن نراه.
فـ(جمهوري إسلامي إيران) بالفارسية، ترجمتها " جمهورية إيران الإسلامية" ،فالقومية الإيرانية مُقدمة على الهوية الدينية، حتى وإن بدا العكس ،فأصل التركيب في اللغة الفارسية (جمهوري إيران) مضاف ومضاف إليه،و(إسلامي) صفة للتركيب الإضافي وحسب قواعد اللغة الفارسية تأتي الصفة في منتصف التركيب.فرغم كل الادعاء الإيراني أنها الناطقة بإسم الإسلام في العالم ،إلا أن الطابع القومي هو المؤسس لبنية الذات الإيرانية،وهذا يتضح من مجرد ذكر إسم الدولة.
فالذاتية متأصلة في الوعي الاجتماعي والتاريخي الإيراني ،تلك السمة الآرية التي أسست للعمق الحضاري الممتد منذ حوالي الألف الرابع قبل الميلاد،وتشكيل الإمبراطورية الفارسية ـ في فترة الحكم الساساني ـ التي شملت معظم أجزاء العالم القديم .ذلك الطابع التوسعي هو المؤسس للذات الإيرانية المتضخمة، ورغبتها الدائمة في نفي الآخر تحت مظلتها،حتى لو كان هذا الآخر هو الإسلام ذاته .
تتجلى تلك السمات القومية في مشاهد واضحة في السياق الإيراني.فالتعامل الإيراني مع الدخول العربي جرد تلك المرحلة من محتواها،وفصل الإسلام كدين عن التناول الإيراني للعرب كمحتلين برابرة هدموا الحضارة الفارسية،وظلت الأدبيات التاريخية الفارسية تحتفظ بلفظة (اعراب) ـ الدالة على البدوية والهمجية ـ لدى وصف تلك المرحلة الهامة من التحول التاريخي.وحاولت إيران جاهدة الاستقلال عن الحكم العربي وتأسيس حكومة مستقلة،وإن لم تستطع سعت إلى السيطرة على الحكومات العربية على تتابعها، فاحتوت كل الحركات المعارضة مثل الحركة العلوية وكل ما تلاها من تأسيس مذهبي شيعي، كما ساعدت الدعوة العباسية لهدم الخلافة الأموية وكان مركز الدعوة في (خراسان) وبفضل (أبو مسلم الخراساني) حَكم العباسيون (132هـ).وفي ظل الحكم العباسي سيطرت النزعة الإيرانية وملامح الحضارة الفارسية القديمة على نظم الإدراة العربية،بل وصل النفوذ الإيراني منتهاه في ظل (هارون الرشيد) والبرامكة الفُرس ، ثم مناصرتهم للمأمون ومقتل الأمين.حتى تمكنت إيران بعد هذه الفترة من إعادة إحياء القومية الفارسية على شكل دويلات مستقلة عن الحكومة العربية،حتى انهيار الخلافة العباسية (656هـ) على يد المغول،وانتقالها على المستوى الرمزي فقط إلى مصر في عهد المماليك.
القومية الإيرانية هي التي ساعدت على بقاء اللغة الفارسية اللغة الرسمية لإيران حتى الأن،رغم التحولات اللغوية التي طرأت على الخط الفارسي من الخط القديم (المسمى بالبهلوية) إلى الكتابة بالخط العربي،متزامن ذلك مع مساهمات ليست بالهينة في الثقافة الإسلامية (كالبخاري والطبري وسيبويه وابن المقفع وغيرهم من ذوي الأصول الفارسية)،حتى أن أعظم الملاحم الإيرانية (الشاهنامه) للشاعر (الفردوسي) التي تناولت الهوية الفارسية الأصيلة كُتبت باللغة الفارسية في العهد العربي وفي ظل الحكم التركي لإيران، وما ورد في الشاهنامه لا يشكل مجرد مرحلة أسطورية قديمة في الوعي الإيراني بل هو متأصل في الذهنية الإيرانية بوصفه تاريخ حقيقي حدث بالفعل،تاريخ ليس له أي سند تاريخي ،يحتوي كل الملامح الفولكلورية للملاحم الإنسانية،ولكنه مُكوِّن أصيل للذات القومية الإيرانية.
وفي العصر الحديث حاولت الدولة البهلوية (رضا شاه بهلوي ومحمد رضا شاه) العمل على تذكية الروح الإيرانية في مقابل محو الطابع الديني عن الدولة في ظل الحلم الكمالي التركي لتأسيس دولة علمانية، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل أمام سطوة الحوزات الدينية،التي أوقفت المد العلماني ليس خشية على الدين أكثر منه خوفاً على تواجدها في المجتمع،وتتطورت الأحداث وصولاً للثورة الإيرانية الإسلامية الشيعية التي نسجت كل خيوط اللعبة ضد الآخر.ذلك الآخر العربي في البداية ثم الغربي (الأمريكي مثلاً)،وظل الحلم الإمبراطوري يسيطر على كل تحركات المد الثوري في البلدان العربية تحقيقاً للذات الإيرانية متبعة أساليب التحايل أحياناً والصدام أحياناً أخرى.وإلى الأن ـ وفي ظل حكومة إسلامية ـ ما زالت إيران تحتفظ بمعابد الزرادشتية ليست مجرد رمز بل كدين قائم،بل أن هناك ممثلين للأقلية الزردشتية في البرلمان الإيراني،حفاظاً على القومية الإيرانية أمام الهوية الأمريكية المكتسحة للعالم،والتواجد العربي بأشكاله المختلفة في محيطها الإستراتيجي.
فمن المستحيل ادراك طبيعة الشخصية الإيرانية في كل أبعادها ،اعتماداً فقط على الجانب الديني أو المذهبي،أو حتى السياسي منفرداً،بل لابد من متابعة التحولات التي مربها المجتمع الإيراني، وصولاً للشكل القائم الآن،في محاولة لفهم الواقع الإيراني كما هو، لا كما نريد أن نراه.
الأسطورة والمذهب في إيران
تمر المجتمعات الإنسانية بتغيرات تبدوا جذرية على مستوى الشكل لدى التحولات الدينية التي تعتريها على مدار تاريخها ولكن يظل المضمون كامن خلف هذا التغير الشكلي،فمن البديهي أن التفكير في الدين قديم قدم الإنسان و يُشّكل ذاكرة المجتمعات، تلك السمات الدينية القديمة سُمّيت بعد مرحلة الديانات السماوية بالأساطير،أي أن الأسطورة في شكل منها تجل للدين،أو كيفية التفكير البشري في الخالق على مدار التاريخ السحيق،ومن البديهي كذلك أن تترسب بعض الملامح الأسطورية في الوعي الاجتماعي ،وتتضح تلك السمات في مجتمعاتنا الشرقية لقدم اهتمامها بالشأن الديني.وإيران من أكثر الحضارات القديمة (حوالي 3000 ق.م.) التي بحثت عن المفاهيم والقيم الدينية.
كانت الديانة الرسمية في إيران قبل دخول الإسلام (الزرادشتيه) منسوبة لمنشئ الديانة ( زرادشت)، والفكرة الأساسية داخلها هي فكرة النور،فهناك خالق للعالم وهو إله النور،وهو الإله الأكبر وفي المقابل هناك إله الظلمة أو الكائن الشيطاني الذي يمثل كل شرور العالم،والوجود نتاج الصراع الأبدي بينهما فالحرب الأزلية سجال.وكل مرحلة إنتصار على الظلمة تشكل في الديانة مرحلة هامة وتتجسد بشكل طقوس خاصة والتي تسربت للوعي الشعبي بوصفها عيداً يُحتفل به كل عام مثل (عيد النيروز)،وهو أهم الأعياد الفارسية على الإطلاق،فهو عيد الربيع بعد انتصار إله النور على شيطان الظلمة الذي أوقع العالم في جدب وظلمة لا تنتهي، وفيه يتساوي الليل بالنهار أي النور بالظلمة ،وهو عيد بداية الحياة من جديد واكتمال نور الشمس،وفي مرحلة تالية نُسب هذا العيد لأحد الملوك الأسطوريين في إيران (جمشيد)،والذي أوكل له الإله بناء العالم بعد خراب شيطان الظلمة،وبعد انتهاءه من بناء البلاد وتعميرها وإرساء الأمان للبشر كان يوم النيروز،ومن يومها للأن تحتفل إيران به بوصفه عيد قومي تاريخي ـ كما تحتفل مصر بعيد شم النسيم ذا الجذور المصرية القديمة ـ بل أنه يُعد بداية السنة الإيرانية والتي تقابل تقريباً (20 مارس).حتى أن ممارسات العزاء التي كانت تُقام في إيران على بطلهم الأسطوري (سياوش) ـ تمت الإشارة له في العددين السابقين من صوت البلد تحت عنوان عزاء الحسين في إيران ـ كانت تُقام في النيروز.
ومع دخول الإسلام واعتناق إيران رسمياً المذهب الشيعي (القرن التاسع الهجري) ترسبت بعض المفاهيم القومية التاريخية في عمق المذهب لدى التناول الإيراني له،فمثلا روي عن الإمام (جعفر الصادق) الإمام السادس،أن يوم النيروز صادف يوم " غدير خُم" والذي بايع فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) علي بن أبي طالب بالخلافة من بعده ـ تبعاً للفكر الشيعي ـ ،وهو يوم معركة (النهروان) التي انتصر فيها علي على الخوارج الذين خرجوا عليه بعد أزمة التحكيم.بل أنه يوم خُلق آدم ويوم إستقرار سفينة نوح ،وهو يوم ظهور الشمس على الكون، والأهم أنه يوم عودة الإمام المهدي (الإمام الثاني عشر) الذي غاب ليعود في نهاية الزمان،فهو حسب تعبير جعفر الصادق (يوم الشيعة).كذلك هو اليوم التي سوف تقع فيه القيامة في المذهب الشيعي،ويستحسن فيه زيارة القبور وزيارة أضرحة الأئمة خاصة ضريح الحسين،وإيقاد الشموع والتوسل والدعاء،وهذا الأداء يتشابه كذلك في المذهب الزرادشتي فالنيروز كذلك يوم تقديس الموتى والتوسل بهم،وانسحبت تلك الفكرة لزيارة القبور لدى الشيعة.
ومن ضمن أشكال الدمج الأخرى بين الأسطورة الإيرانية والمذهب الشيعي أن مكان دفن زرادشت تحول إلى مدفن الإمام (على الرضا) الإمام الثامن لدى الشيعة والذي مات ودفن في مشهد.وكأن كان الهدف هو الحفاظ على مقبرة زرادشت فدفن مكانه شخصية ذات قداسة دينية تساويه في العقل الجمعي الإيراني. وكذلك قد بُني المسجد الجامع في أصفهان في إيران وهو من أكبر المساجد التاريخية،على أحد بيوت النار القديمة،أي تحول مكان العبادة الزرادشتي إلى مكان للعبادة كذلك ولكن من منظور إسلامي.خاصة وأن النار كانت مقدسة في الديانة الزرادشتية لكونها رمزاً للضياء لإله النور في ظلمة الليل وسطوة إله الظلمة،فكانت تُقام لها المعابد رمزاً للديانة ككل.فنُسيت الأصول وتبقت الأسماء الجديدة.
وعامة فإن توحد البيئة هو الذي ساعد على توحد البنية الفكرية للشعب الإيراني لدى تعاطيه مع فكرتين دينيتين،القديمة والإسلامية،خاصة إذا علمنا أن المجتمع الإيراني لم يتعامل مع أشكال الإحتلال الفعلي قبل دخول العرب،أي أنهم لم يمروا كما مر على المجتمع المصري بعد عهد الفراعنة من إحتلال روماني مثلاً،ثم دخول العرب بعد ذلك.كما أنهم رغم علمهم بالبديهة بالديانتين اليهودية والمسيحية لم يتنازل المجتمع الإيراني عن قوميته ولم يتخلى عن ديانته القديمة .هذا الإتجاه القومي هو المميز للشخصية الإيرانية في كافة مستوياتها التاريخي والسياسي والديني.
كانت الديانة الرسمية في إيران قبل دخول الإسلام (الزرادشتيه) منسوبة لمنشئ الديانة ( زرادشت)، والفكرة الأساسية داخلها هي فكرة النور،فهناك خالق للعالم وهو إله النور،وهو الإله الأكبر وفي المقابل هناك إله الظلمة أو الكائن الشيطاني الذي يمثل كل شرور العالم،والوجود نتاج الصراع الأبدي بينهما فالحرب الأزلية سجال.وكل مرحلة إنتصار على الظلمة تشكل في الديانة مرحلة هامة وتتجسد بشكل طقوس خاصة والتي تسربت للوعي الشعبي بوصفها عيداً يُحتفل به كل عام مثل (عيد النيروز)،وهو أهم الأعياد الفارسية على الإطلاق،فهو عيد الربيع بعد انتصار إله النور على شيطان الظلمة الذي أوقع العالم في جدب وظلمة لا تنتهي، وفيه يتساوي الليل بالنهار أي النور بالظلمة ،وهو عيد بداية الحياة من جديد واكتمال نور الشمس،وفي مرحلة تالية نُسب هذا العيد لأحد الملوك الأسطوريين في إيران (جمشيد)،والذي أوكل له الإله بناء العالم بعد خراب شيطان الظلمة،وبعد انتهاءه من بناء البلاد وتعميرها وإرساء الأمان للبشر كان يوم النيروز،ومن يومها للأن تحتفل إيران به بوصفه عيد قومي تاريخي ـ كما تحتفل مصر بعيد شم النسيم ذا الجذور المصرية القديمة ـ بل أنه يُعد بداية السنة الإيرانية والتي تقابل تقريباً (20 مارس).حتى أن ممارسات العزاء التي كانت تُقام في إيران على بطلهم الأسطوري (سياوش) ـ تمت الإشارة له في العددين السابقين من صوت البلد تحت عنوان عزاء الحسين في إيران ـ كانت تُقام في النيروز.
ومع دخول الإسلام واعتناق إيران رسمياً المذهب الشيعي (القرن التاسع الهجري) ترسبت بعض المفاهيم القومية التاريخية في عمق المذهب لدى التناول الإيراني له،فمثلا روي عن الإمام (جعفر الصادق) الإمام السادس،أن يوم النيروز صادف يوم " غدير خُم" والذي بايع فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) علي بن أبي طالب بالخلافة من بعده ـ تبعاً للفكر الشيعي ـ ،وهو يوم معركة (النهروان) التي انتصر فيها علي على الخوارج الذين خرجوا عليه بعد أزمة التحكيم.بل أنه يوم خُلق آدم ويوم إستقرار سفينة نوح ،وهو يوم ظهور الشمس على الكون، والأهم أنه يوم عودة الإمام المهدي (الإمام الثاني عشر) الذي غاب ليعود في نهاية الزمان،فهو حسب تعبير جعفر الصادق (يوم الشيعة).كذلك هو اليوم التي سوف تقع فيه القيامة في المذهب الشيعي،ويستحسن فيه زيارة القبور وزيارة أضرحة الأئمة خاصة ضريح الحسين،وإيقاد الشموع والتوسل والدعاء،وهذا الأداء يتشابه كذلك في المذهب الزرادشتي فالنيروز كذلك يوم تقديس الموتى والتوسل بهم،وانسحبت تلك الفكرة لزيارة القبور لدى الشيعة.
ومن ضمن أشكال الدمج الأخرى بين الأسطورة الإيرانية والمذهب الشيعي أن مكان دفن زرادشت تحول إلى مدفن الإمام (على الرضا) الإمام الثامن لدى الشيعة والذي مات ودفن في مشهد.وكأن كان الهدف هو الحفاظ على مقبرة زرادشت فدفن مكانه شخصية ذات قداسة دينية تساويه في العقل الجمعي الإيراني. وكذلك قد بُني المسجد الجامع في أصفهان في إيران وهو من أكبر المساجد التاريخية،على أحد بيوت النار القديمة،أي تحول مكان العبادة الزرادشتي إلى مكان للعبادة كذلك ولكن من منظور إسلامي.خاصة وأن النار كانت مقدسة في الديانة الزرادشتية لكونها رمزاً للضياء لإله النور في ظلمة الليل وسطوة إله الظلمة،فكانت تُقام لها المعابد رمزاً للديانة ككل.فنُسيت الأصول وتبقت الأسماء الجديدة.
وعامة فإن توحد البيئة هو الذي ساعد على توحد البنية الفكرية للشعب الإيراني لدى تعاطيه مع فكرتين دينيتين،القديمة والإسلامية،خاصة إذا علمنا أن المجتمع الإيراني لم يتعامل مع أشكال الإحتلال الفعلي قبل دخول العرب،أي أنهم لم يمروا كما مر على المجتمع المصري بعد عهد الفراعنة من إحتلال روماني مثلاً،ثم دخول العرب بعد ذلك.كما أنهم رغم علمهم بالبديهة بالديانتين اليهودية والمسيحية لم يتنازل المجتمع الإيراني عن قوميته ولم يتخلى عن ديانته القديمة .هذا الإتجاه القومي هو المميز للشخصية الإيرانية في كافة مستوياتها التاريخي والسياسي والديني.
تجليات البطل في ملحمة السياسة الإيرانية
إن التراكمات التي ينتجها الوعي الاجتماعي للتحول فيما بعد إلى عالم من اللاوعي،يتنتج البنية الأساسية التي تتولد داخلها كل تجليات المجتمعات الإنسانية بشكل عام،تلك التفاعلات الباطنية لها طبيعتها الخاصة في المجتمع الإيراني،فمنذ بداية الحضارة الفارسية كان لمفهوم الفردية والبطولة رمزيته التأسيسية في تنامي الوعي التاريخي والسياسي الإيراني فيما بعد.
فالأسطورة الزرادشتية قد عمدت إلى خلق حالة من الصراع بين ثنائية الخير والشر،(آهورامزدا) إله الخير و(آهريمن) إله الشر،تلك الثنائية لم تهدف إلى الإنفصال الكامل من وجة نظري،أي أن العقل الأسطوري قد أوجد آهريمن الشيطاني حتى يبرر الوجود الإلهي من الأساس،فإله الخير ـ بوصفه بطل الأسطورة بلا منازع ـ لن يبرز دوره الحقيقي بلا منافس درامي يستحوذ على جزء من بنية الحدث الأسطوري.وهذا ما أشارت إليه الأسطورة في بدايتها،فتفاعل الكون وعناصره وانتقاله من الثبات المطلق الذي خلقه عليه أهورامزدا،إلى حالة الحركة ،لم تتم إلا في حال الفعل الشيطاني،ورغبة أهريمن في تدمير عالم النور الإلهي،حتى مفهوم الثواب والعقاب،معتمد في الأساس على تفاعل المخلوقات سلباً أو إيجاباً في اتجاه الشيطان،بمعنى أن العقل الأسطوري المؤسس للوعي الاجتماعي الإيراني غير قابل للتطوير إلا في وجود المنافس الدرامي على مستوى الحدث.
تلك الفكرة تُعاد صياغتها في الملاحم الفارسية بعد ذلك،ففي ملحمة الشاهنامة الشهيرة،نلاحظ في تطور الحدث الخاص بالبطل الرئيسي (رستم)،الذي واجه كل الأعداء التاريخيين للمجتمع الإيراني ـ (كأفرسياب) البطل التوراني (التركي) الشهيرـ لم يمت إلا على يد أخيه الغير شقيق،أي أن العنصر المضاد المحرك للملحمة لم يكن البطل المنافس،بل كان المُجسد لدور الشر هو الأخ.أي أن عنصر الشر لابد وأن يكون داخل نسيج البطل الأساسي،فالشر من عمق الخير موظف لديه،مثل أهريمن الذي يحتوى داخله عنصر القداسة،تلك القداسة الإلهية السمة،فذلك التناقض المفترض بين الخير والشر تناقض افتراضي منذ البداية،فرغم كون الشيطان هو رمز حركة الكون في الإتجاه المعاكس إلا أنه يصب لمصلحة إله الخير.
وعلى مستوى الوعي المذهبي خاصة في تجلياته الشعبية،إلا وكان له نقيضة المفترض،فالحكاية المذهبية تحول صراع علي ومعاوية إلى صراع بين الخير والشر،فهي تعطي لمعاوية كل سمات الشر،لصالح قداسة علي بن أبي طالب،ذلك الصراع انسحب كذلك إلى يزيد بن معاوية ومقتل الحسين بن علي،فالصراع لابد وأن يتم داخل الأسرة الواحدة،ونتاجه هو الذي يفيض على العالم فيما بعد،فلا يختلف الصراع ـ من حيث البنية ـ بين (أهريمن وأهورامزدا)،(رستم وأخيه)،(يزيد والحسين).
ثم تتجلى تلك الصراعات على مستوى الممارسة السياسية،فالصراع الوهمي الذي يتم في إيران منذ العقد الماضي وللأن،بين الإصلاحيين والمحافظين،يعتمد على نفس الفكرة المتكررة،فالإتجاه الإصلاحي المعارض لطبيعة النظام الإيراني المحافظ،ما هو إلا نتاج نفس الإتجاه المحافظ،وبرعايته التامة.فمنذ بداية الحكم الثوري الإسلامي،وهناك شعار أمريكا الشيطان الأعظم،وتقسيم العالم إلى (مستكبرين ومستضعفين)،ثم تلى ذلك مرحلة الحرب العراقية الإيرانية والتي استغرقت ثمان سنوات كاملة من الاستنفاز للشعب الإيراني لصالح تلك المعركة،ولكن مع نهاية الحرب،وبداية مرحلة جديدة في المجتمع الإيراني،كان لابد من افتعال صراع أخر في الداخل،فيُنّتَج الإتجاه الجديد من داخل بنية النظام نفسها،ليتحول المجتمع إلى الداخل بعد زوال أسباب العدو الخارجي أو عدم جدواها.
والدليل على ذلك أن رموز الإصلاح في السياسة الإيرانية من أبناء النظام ذاته،فمحمد خاتمي أشهر الإصلاحيين ورئيس الجمهورية الأسبق،كان رئيس الحرب الدعائية في الحرب العراقية الإيرانية،وكذلك (مير حسين موسوي) المرشح الحالي لرئاسة الجمهورية وأهم رموز الإصلاح،كان رئيس مجلس الوزراء في نفس مرحلة الحرب.وغيرهم.فهم أبناء النظام والثورة،ولهم دورهم الحقيقي في تثبيت دعائم النظام الذين يعارضوه الأن.
بمعنى أن الإتجاه الإصلاحي لا يتعدى كونه المحرك المعاكس للعودة ثانية لجعبة النظام،لا أكثر ولا أقل،فالبنية الثنائية الحاكمة للعقل الإيراني ليست بالحدة التي تبدوا عليها طوال الوقت،وإنما هي ثنائية تصب لمصلحة الفردية أو البطل الأوحد.
فالأسطورة الزرادشتية قد عمدت إلى خلق حالة من الصراع بين ثنائية الخير والشر،(آهورامزدا) إله الخير و(آهريمن) إله الشر،تلك الثنائية لم تهدف إلى الإنفصال الكامل من وجة نظري،أي أن العقل الأسطوري قد أوجد آهريمن الشيطاني حتى يبرر الوجود الإلهي من الأساس،فإله الخير ـ بوصفه بطل الأسطورة بلا منازع ـ لن يبرز دوره الحقيقي بلا منافس درامي يستحوذ على جزء من بنية الحدث الأسطوري.وهذا ما أشارت إليه الأسطورة في بدايتها،فتفاعل الكون وعناصره وانتقاله من الثبات المطلق الذي خلقه عليه أهورامزدا،إلى حالة الحركة ،لم تتم إلا في حال الفعل الشيطاني،ورغبة أهريمن في تدمير عالم النور الإلهي،حتى مفهوم الثواب والعقاب،معتمد في الأساس على تفاعل المخلوقات سلباً أو إيجاباً في اتجاه الشيطان،بمعنى أن العقل الأسطوري المؤسس للوعي الاجتماعي الإيراني غير قابل للتطوير إلا في وجود المنافس الدرامي على مستوى الحدث.
تلك الفكرة تُعاد صياغتها في الملاحم الفارسية بعد ذلك،ففي ملحمة الشاهنامة الشهيرة،نلاحظ في تطور الحدث الخاص بالبطل الرئيسي (رستم)،الذي واجه كل الأعداء التاريخيين للمجتمع الإيراني ـ (كأفرسياب) البطل التوراني (التركي) الشهيرـ لم يمت إلا على يد أخيه الغير شقيق،أي أن العنصر المضاد المحرك للملحمة لم يكن البطل المنافس،بل كان المُجسد لدور الشر هو الأخ.أي أن عنصر الشر لابد وأن يكون داخل نسيج البطل الأساسي،فالشر من عمق الخير موظف لديه،مثل أهريمن الذي يحتوى داخله عنصر القداسة،تلك القداسة الإلهية السمة،فذلك التناقض المفترض بين الخير والشر تناقض افتراضي منذ البداية،فرغم كون الشيطان هو رمز حركة الكون في الإتجاه المعاكس إلا أنه يصب لمصلحة إله الخير.
وعلى مستوى الوعي المذهبي خاصة في تجلياته الشعبية،إلا وكان له نقيضة المفترض،فالحكاية المذهبية تحول صراع علي ومعاوية إلى صراع بين الخير والشر،فهي تعطي لمعاوية كل سمات الشر،لصالح قداسة علي بن أبي طالب،ذلك الصراع انسحب كذلك إلى يزيد بن معاوية ومقتل الحسين بن علي،فالصراع لابد وأن يتم داخل الأسرة الواحدة،ونتاجه هو الذي يفيض على العالم فيما بعد،فلا يختلف الصراع ـ من حيث البنية ـ بين (أهريمن وأهورامزدا)،(رستم وأخيه)،(يزيد والحسين).
ثم تتجلى تلك الصراعات على مستوى الممارسة السياسية،فالصراع الوهمي الذي يتم في إيران منذ العقد الماضي وللأن،بين الإصلاحيين والمحافظين،يعتمد على نفس الفكرة المتكررة،فالإتجاه الإصلاحي المعارض لطبيعة النظام الإيراني المحافظ،ما هو إلا نتاج نفس الإتجاه المحافظ،وبرعايته التامة.فمنذ بداية الحكم الثوري الإسلامي،وهناك شعار أمريكا الشيطان الأعظم،وتقسيم العالم إلى (مستكبرين ومستضعفين)،ثم تلى ذلك مرحلة الحرب العراقية الإيرانية والتي استغرقت ثمان سنوات كاملة من الاستنفاز للشعب الإيراني لصالح تلك المعركة،ولكن مع نهاية الحرب،وبداية مرحلة جديدة في المجتمع الإيراني،كان لابد من افتعال صراع أخر في الداخل،فيُنّتَج الإتجاه الجديد من داخل بنية النظام نفسها،ليتحول المجتمع إلى الداخل بعد زوال أسباب العدو الخارجي أو عدم جدواها.
والدليل على ذلك أن رموز الإصلاح في السياسة الإيرانية من أبناء النظام ذاته،فمحمد خاتمي أشهر الإصلاحيين ورئيس الجمهورية الأسبق،كان رئيس الحرب الدعائية في الحرب العراقية الإيرانية،وكذلك (مير حسين موسوي) المرشح الحالي لرئاسة الجمهورية وأهم رموز الإصلاح،كان رئيس مجلس الوزراء في نفس مرحلة الحرب.وغيرهم.فهم أبناء النظام والثورة،ولهم دورهم الحقيقي في تثبيت دعائم النظام الذين يعارضوه الأن.
بمعنى أن الإتجاه الإصلاحي لا يتعدى كونه المحرك المعاكس للعودة ثانية لجعبة النظام،لا أكثر ولا أقل،فالبنية الثنائية الحاكمة للعقل الإيراني ليست بالحدة التي تبدوا عليها طوال الوقت،وإنما هي ثنائية تصب لمصلحة الفردية أو البطل الأوحد.
الثلاثاء، 21 أبريل 2009
176 عضواً في مجلس الشورى الإيراني يؤيدون نصر الله
في ظل حالة الهرج العام الذي ساد الأوساط السياسية ضد الموقف المصري في أزمة تنظيم حزب الله،ومحاولة جميع الأطراف المشاركة والمشار إليها ، نفي حق مصر كدولة لها سيادتها الداخلية ولها كل الحق في الحفاظ على أمنها القومي بالشكل الذي تراه مناسباً،صدر بيان من مجلس الشورى الإيراني يوم (15/4/2009)،بموافقة 176 عضواً يؤيدون موقف حسن نصر الله،وحزب الله،وينددون بالموقف بعض الأنظمة العربية ـ والمقصود مصر بالطبع ـ في القضية الأخيرة من تنظيم حزب الله في القاهرة.واصفين حسن نصر الله بأنه (الشمس الساطعة الذي يشع نورها في أرجاء العالم الإسلامي).كما أعلن (علي لاريجاني) رئيس مجلس الشورى الإيراني،أن ما حدث لحزب الله في مصر مؤامرة غير محبوكة الهدف منها التأثير على سير الإنتخابات اللبنانية القادمة،وأن هذا من قبيل التعاون مع النظام الصهيوني،ضد حزب الله الشيعي الذي ناصر فلسطين السنية.ولا أدري ما العلاقة الحقيقية بين إيران وحزب الله التي جعلت مجلس الشورى الممثل للشعب الإيراني يصدر هذا البيان التأييدي،ويحول القضية من دولة تدافع عن شأنها الداخلي إلي قضية شيعة وسنة،بشكل فج من التدخل لا يليق إلا بدولة تدافع عن مصالحها التوسعية في المنطقة بشكل عام،وإظهار الدور المصري كمنافس لهذه الطموحات الإيرانية.
والأمر بالطبع لايقف عن الحدود الإيرانية،ولكن القضية كشفت بقية العلاقات الخفية التي كانت ترفض طوال الوقت ربطها ببعضها البعض،فالمتحدث بإسم حركة حماس يُعلن في بيان له نشرته وكالة أنباء مهر الإيرانية،أن موقف النظام المصري من حزب الله يهدف منذ البداية حركة حماس،خاصة بعد موقف الحكومة المصرية من أزمة غزة السابقة ـ على حد زعمه ـ ولكن لأن الحركة سنية فالنظام المصري لم يجرؤ على مهاجمتها واستبدلها بحزب الله الشيعي،حتى لا يقابل بإستهجان من قبل الشعب المصري.وهذا بالطبع يتسق مع تصريحات نصر الله أن دور حزب الله في مصر هو تهريب الأسلحة إلى حماس بواسطة الأراضي المصرية،وبالتالي هذا يفتح باب التساؤل عن العلاقة التي ربطت بين حزب الله وحماس وإيران وهل موضوع مقاومة الإحتلال الإسرائيلي سبب كافي لإستغلال أراضي دولة أخرى ووصف مصر بالعمالة للصهيونية،مما أكد أن هناك أزرع حقيقية لإيران في المنطقة العربية لها مصالح تم المساس بها في القضية الأخيرة.
وإن كان هذا موقف إيران وحزب الله وإيران،وهو في السياق العام نجده متسقاً إلى حد بعيد على أرضية توحيد المصالح واستغلال الطبائع المذهبية لتنفيذ هذه المصالح،فالمدهش في الأمر والمحير أيضاً هو موقف الإخوان المسلمين من القضية ،فمهدي عاكف يصف ما يحدث بأنه نوع من التهريج الإعلامي كما يؤكد أنه لا أمل في الحكومات بل الأمل في الشعوب للحفاظ على المقاومة ضد إسرائيل،وأن الحكومات نوعان نوعاً مع المقاومة وآخر ضدها ويعمل لصالح الصهاينة والأمريكان،ولا أدري أإستغلال إيران وحزب الله الأراضي المصرية ومحاولة المساس بسيادة الدولة يُعتبر نوعاً من المقاومة!!!.
وكذلك من المدهش تصريحات (محمد الدريني)،أن ما يحدث نوعاً من الفولكلور الأمني،الهدف منه هو توجيه إتهامات للشيعة في مصر فمن المؤكد ـ من وجهة نظره ـ أن ما حدث لا يمكن فهمه بعيداً عن التصريحات الرسمية المصرية ضد إيران،وبعيداً عن تحول التشيع إلى فزاعة يستخدمها الأمن المصري ضد الشيعة في مصر.فالدريني ربط في تصريحاته بين التشيع في مصر كمذهب ديني له معتنقيه وبين إيران كدولة سياسية وبين الموقف المصري من الدولة الإيرانية.وكأن كل ما يحدث لأي شيعي في المنطقة لابد وأن يرتبط كلياً بالشيعة في مصر،وكأنه إعتراف من الدريني بالإنتماء الضمني لإيران وحزب الله،وهذا رغم خلافات الدريني المتعددة مع النظام في مصر،ليس له ما يبرره في هذه الأزمة،فالشيعة لهم تواجدهم في مصر على كل المستويات،ولكن المقلق في الأمر هو التساؤل الذي يُلح بشكل دائم،وهو ما طبيعة العلاقة التي تربط كل تلك العناصر المختلفة.فأزمة تنظيم حزب الله في مصر يخص الموضوع ذاته وسيادة مصر الداخلية فقط،فما الداعي لظهور كل تلك الأفكار المتضامنة مع حزب الله في لبنان،وتحويل الموضع ضد مصر على كافة الأصعدة،بما في ذلك الموقف الرسمي الإيراني.خاصة وأن المتهم الأول في التظيم قد تراجع عن اعترفاته كاملة التي أدلى بها أمام نيابة أمن الدولة العليا،فما كان الداعي للإعتراف ثم سحبه من جديد.؟!
من المؤكد أن العديد من أوراق اللعبة أصبحت على المكشوف،فإيران وحزب الله وحماس والإخوان والشيعة في مصر،توحدوا في خطاب واحد موجه ضد الموقف المصري تجاه الأزمة الأخيرة،مما يمثله هذا الموقف من إضرار بمصالحهم الخاصة،بعيداً عن محاولات اسباغ الموضوع بحرب المقاومة أو تحرير الأرض المحتلة.
والأمر بالطبع لايقف عن الحدود الإيرانية،ولكن القضية كشفت بقية العلاقات الخفية التي كانت ترفض طوال الوقت ربطها ببعضها البعض،فالمتحدث بإسم حركة حماس يُعلن في بيان له نشرته وكالة أنباء مهر الإيرانية،أن موقف النظام المصري من حزب الله يهدف منذ البداية حركة حماس،خاصة بعد موقف الحكومة المصرية من أزمة غزة السابقة ـ على حد زعمه ـ ولكن لأن الحركة سنية فالنظام المصري لم يجرؤ على مهاجمتها واستبدلها بحزب الله الشيعي،حتى لا يقابل بإستهجان من قبل الشعب المصري.وهذا بالطبع يتسق مع تصريحات نصر الله أن دور حزب الله في مصر هو تهريب الأسلحة إلى حماس بواسطة الأراضي المصرية،وبالتالي هذا يفتح باب التساؤل عن العلاقة التي ربطت بين حزب الله وحماس وإيران وهل موضوع مقاومة الإحتلال الإسرائيلي سبب كافي لإستغلال أراضي دولة أخرى ووصف مصر بالعمالة للصهيونية،مما أكد أن هناك أزرع حقيقية لإيران في المنطقة العربية لها مصالح تم المساس بها في القضية الأخيرة.
وإن كان هذا موقف إيران وحزب الله وإيران،وهو في السياق العام نجده متسقاً إلى حد بعيد على أرضية توحيد المصالح واستغلال الطبائع المذهبية لتنفيذ هذه المصالح،فالمدهش في الأمر والمحير أيضاً هو موقف الإخوان المسلمين من القضية ،فمهدي عاكف يصف ما يحدث بأنه نوع من التهريج الإعلامي كما يؤكد أنه لا أمل في الحكومات بل الأمل في الشعوب للحفاظ على المقاومة ضد إسرائيل،وأن الحكومات نوعان نوعاً مع المقاومة وآخر ضدها ويعمل لصالح الصهاينة والأمريكان،ولا أدري أإستغلال إيران وحزب الله الأراضي المصرية ومحاولة المساس بسيادة الدولة يُعتبر نوعاً من المقاومة!!!.
وكذلك من المدهش تصريحات (محمد الدريني)،أن ما يحدث نوعاً من الفولكلور الأمني،الهدف منه هو توجيه إتهامات للشيعة في مصر فمن المؤكد ـ من وجهة نظره ـ أن ما حدث لا يمكن فهمه بعيداً عن التصريحات الرسمية المصرية ضد إيران،وبعيداً عن تحول التشيع إلى فزاعة يستخدمها الأمن المصري ضد الشيعة في مصر.فالدريني ربط في تصريحاته بين التشيع في مصر كمذهب ديني له معتنقيه وبين إيران كدولة سياسية وبين الموقف المصري من الدولة الإيرانية.وكأن كل ما يحدث لأي شيعي في المنطقة لابد وأن يرتبط كلياً بالشيعة في مصر،وكأنه إعتراف من الدريني بالإنتماء الضمني لإيران وحزب الله،وهذا رغم خلافات الدريني المتعددة مع النظام في مصر،ليس له ما يبرره في هذه الأزمة،فالشيعة لهم تواجدهم في مصر على كل المستويات،ولكن المقلق في الأمر هو التساؤل الذي يُلح بشكل دائم،وهو ما طبيعة العلاقة التي تربط كل تلك العناصر المختلفة.فأزمة تنظيم حزب الله في مصر يخص الموضوع ذاته وسيادة مصر الداخلية فقط،فما الداعي لظهور كل تلك الأفكار المتضامنة مع حزب الله في لبنان،وتحويل الموضع ضد مصر على كافة الأصعدة،بما في ذلك الموقف الرسمي الإيراني.خاصة وأن المتهم الأول في التظيم قد تراجع عن اعترفاته كاملة التي أدلى بها أمام نيابة أمن الدولة العليا،فما كان الداعي للإعتراف ثم سحبه من جديد.؟!
من المؤكد أن العديد من أوراق اللعبة أصبحت على المكشوف،فإيران وحزب الله وحماس والإخوان والشيعة في مصر،توحدوا في خطاب واحد موجه ضد الموقف المصري تجاه الأزمة الأخيرة،مما يمثله هذا الموقف من إضرار بمصالحهم الخاصة،بعيداً عن محاولات اسباغ الموضوع بحرب المقاومة أو تحرير الأرض المحتلة.
الثلاثاء، 14 أبريل 2009
المُخلِّص وأساطير العصر الذهبي في المذهب الشيعي
تذكرت لدى كتابتي هذا المقال فيلم (عودة الإبن الضال) للمخرج الراحل يوسف شاهين،وشخصية (علي) المنتظر ليغير العالم من حوله،ذلك العالم الذي نراه فاسداً في بنيته من الأساس،بل كانت فكرة الإنتظار في حد ذاتها هي المُرتكز الأصيل في فساده.المخلص المنتظر الذي سيطهر العالم من قمة الرزيلة إلى قمة النقاء.
ما تدور حوله الأساطير الإنسانية لا يعدوا كونه إعادة صياغة لهذا البطل المنتظر،ففي الأساطير المصرية القديمة كان (حورس) هو المنتقم المخلص لأبيه (أوزوريس)،وفي الديانة (الزرادشتية) يكون المخلص أحد أحفاد زرادشت،الذي سيأتي في نهاية العالم ليملأ الأرض عدلاً،وينشر الدين الزرادشتي بمناصرة قوة الإله (أهورامزدا) ونوره المقدس.وفي المزامير ورد في المزمور (72):( اللهم أعط أحكامك للملك وبِرّك لإبن الملك،يدين شعبك بالعدل ومساكينك بالحق ..ويُخلص بني البائسيين ويسحق الظالمين). ورغم الخلاف القائم بين اليهودية والمسيحية في تأويل درو المسيح كمُخلص،إلا أن المسيح قد قام بهذا الدور في الديانة المسيحية وما زال المخلص منتظر في اليهودية.أي أن الفكر البشري والديني لا يمكنه الإستمرار بدون فكرة الأمل المنتظر الغد القادم بكل النُبل ليُعطي للحياة المعنى الناقص حتى تكتمل.
وانسحبت بالطبع تلك الفكرة على الإسلام،بمختلف مذاهبه،ولكن المذهب الذي يُعتبر هذا الموضوع أكثر تأسيساً فيه هو المذهب الشيعي.فنقطة الخلاف المركزية تكمن في رفض التشيع لمفهوم الخلافة أمام الإعلاء من قيمة الإمامة.أي توريث الحكم بعد مرحلة النبوة إلى أحفاد النبي (صلى الله عليه وسلم) وزريته من فاطمة وعلي.بوصفهم الأقدر والأعلم ولأن الله اختصهم ـ تبعاً للمذهب ـ بميزات ليست لأحد من خلقه.أي تجريدهم من وضعهم الإنساني لإلباسهم أثواب مقدسة كانت السبب في العديد من الإشكاليات داخل المذهب ذاته.فمع إنقسام التشيع لعدة مذاهب نتيجة للخلاف على مفهوم الإمامة ومن الأحق من أبناء الأئمة.توقفت الإثناعشرية عن الإمام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر،وكان هذا هو مصدر الخلاف بين هذا المذهب والمذهب الإسماعيلي السبعي.
يرتكز المذهب الإثناعشري على فكرة غيبة الإمام الثاني عشر،وهو (محمد بن الحسن)،الحسن الذي تستر على ولادة محمد حتى لا يناله أذى بيد العباسيين،بل قد أمر أتباعه بإخفاء الأمر إلا عن المقربين،ولابد وأن تأتي ولادته ككل المخلصين بل ككل الأبطال المنتظرين في التاريخ الإنساني.فكما ورد في كتب التشيع أنه ولد مختوناً في ليلة النصف من شعبان،وأن أول من غسله كان رضوان خازن الجنة،بماء الكوثر والسلسبيل.وأنه لما ولد سطع النور من رأسه إلى عنان السماء ثم سقط ساجداً وشهد الشهادتين،وسمى أسماء الأئمة كلهم إلى أن وصل إليه.كما يروى أنه كانت حوله طيوراً بيضاء تهبط من السماء وتمسح بأجنحتها على رأسه لم تكن إلا ملائكة.وعندما مات والده الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر) دخل محمد المهدي غيبته الصغرى،وكان يوصل علمه للأوصياء ومنهم للوكلاء لكل الأمة بل كان الناس يرسلوا فتواهم إليه في غيبته ويرد عليها،ثم غاب الغيبة الكبرى للأن حتى يظهر حينما تمتلئ الدنيا بالجور والفساد فياتي ليملأها عدلاً.
وهناك العديد من المظاهر الأسطورية التي تتصاحب مع ظهور المهدي في المذهب الشيعي منها أن الشمس سوف تنكسف في شهر رمضان مرتين مثلاً،وظهور نجم جديد في السماء يقال عنه (ذي الذنب)،وظهور نار من السماء تسبقه إلى العالم،بل أن السماء تتحول إلى اللون الأحمر الدموي.وكثرة الموتى في الدنيا بسبب الأمراض والحروب والفساد.وكذلك ظهور يأجوج ومأجوج،بل أن هناك بعض الروايات التي تؤكد على ظهور الحسين بن علي مع المهدي،ولا أدري أكان هو الأخر غائباً!!!.
فالمهدي في سماته الرئيسة هو إعادة صياغة لفترة النبوة وإحياء لمشروع اليوتوبيا الإسلامية أي أساطير العصر الذهبي،فهو كما ورد عنه أشد ما يكون الشبه بجده النبي،وما سوف يحققه هو إخراج العالم من الظلمات إلى النور،ومن الفساد إلى الصلاح،أي أن فكرة المهدوية هي إمتداد طبيعي للنبوة في موضوع الفكر الشيعي بشكل خاص.
أي أنه كلما زاد الكون فساداً كلما كان المهدي قرباً،وكلما تعددت أشكال الظلم تنوعت أحلام النجاة،تحولت الأحلام إلى رغبات مصدقة،يتطور خلالها كل الفكر الإنساني لصالح المخلص،فما أورده التشيع لا يختلف كثيراً عما ورد في كل الأفكار الإنسانية على مدار تاريخها،فالبطل المخلص همّ حملناه لأنفسنا حتى نحتمل ما لا يُحتمل،عندما يتحول الإنتظار إلى قيمة،والصمت إلى غاية.
ما تدور حوله الأساطير الإنسانية لا يعدوا كونه إعادة صياغة لهذا البطل المنتظر،ففي الأساطير المصرية القديمة كان (حورس) هو المنتقم المخلص لأبيه (أوزوريس)،وفي الديانة (الزرادشتية) يكون المخلص أحد أحفاد زرادشت،الذي سيأتي في نهاية العالم ليملأ الأرض عدلاً،وينشر الدين الزرادشتي بمناصرة قوة الإله (أهورامزدا) ونوره المقدس.وفي المزامير ورد في المزمور (72):( اللهم أعط أحكامك للملك وبِرّك لإبن الملك،يدين شعبك بالعدل ومساكينك بالحق ..ويُخلص بني البائسيين ويسحق الظالمين). ورغم الخلاف القائم بين اليهودية والمسيحية في تأويل درو المسيح كمُخلص،إلا أن المسيح قد قام بهذا الدور في الديانة المسيحية وما زال المخلص منتظر في اليهودية.أي أن الفكر البشري والديني لا يمكنه الإستمرار بدون فكرة الأمل المنتظر الغد القادم بكل النُبل ليُعطي للحياة المعنى الناقص حتى تكتمل.
وانسحبت بالطبع تلك الفكرة على الإسلام،بمختلف مذاهبه،ولكن المذهب الذي يُعتبر هذا الموضوع أكثر تأسيساً فيه هو المذهب الشيعي.فنقطة الخلاف المركزية تكمن في رفض التشيع لمفهوم الخلافة أمام الإعلاء من قيمة الإمامة.أي توريث الحكم بعد مرحلة النبوة إلى أحفاد النبي (صلى الله عليه وسلم) وزريته من فاطمة وعلي.بوصفهم الأقدر والأعلم ولأن الله اختصهم ـ تبعاً للمذهب ـ بميزات ليست لأحد من خلقه.أي تجريدهم من وضعهم الإنساني لإلباسهم أثواب مقدسة كانت السبب في العديد من الإشكاليات داخل المذهب ذاته.فمع إنقسام التشيع لعدة مذاهب نتيجة للخلاف على مفهوم الإمامة ومن الأحق من أبناء الأئمة.توقفت الإثناعشرية عن الإمام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر،وكان هذا هو مصدر الخلاف بين هذا المذهب والمذهب الإسماعيلي السبعي.
يرتكز المذهب الإثناعشري على فكرة غيبة الإمام الثاني عشر،وهو (محمد بن الحسن)،الحسن الذي تستر على ولادة محمد حتى لا يناله أذى بيد العباسيين،بل قد أمر أتباعه بإخفاء الأمر إلا عن المقربين،ولابد وأن تأتي ولادته ككل المخلصين بل ككل الأبطال المنتظرين في التاريخ الإنساني.فكما ورد في كتب التشيع أنه ولد مختوناً في ليلة النصف من شعبان،وأن أول من غسله كان رضوان خازن الجنة،بماء الكوثر والسلسبيل.وأنه لما ولد سطع النور من رأسه إلى عنان السماء ثم سقط ساجداً وشهد الشهادتين،وسمى أسماء الأئمة كلهم إلى أن وصل إليه.كما يروى أنه كانت حوله طيوراً بيضاء تهبط من السماء وتمسح بأجنحتها على رأسه لم تكن إلا ملائكة.وعندما مات والده الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر) دخل محمد المهدي غيبته الصغرى،وكان يوصل علمه للأوصياء ومنهم للوكلاء لكل الأمة بل كان الناس يرسلوا فتواهم إليه في غيبته ويرد عليها،ثم غاب الغيبة الكبرى للأن حتى يظهر حينما تمتلئ الدنيا بالجور والفساد فياتي ليملأها عدلاً.
وهناك العديد من المظاهر الأسطورية التي تتصاحب مع ظهور المهدي في المذهب الشيعي منها أن الشمس سوف تنكسف في شهر رمضان مرتين مثلاً،وظهور نجم جديد في السماء يقال عنه (ذي الذنب)،وظهور نار من السماء تسبقه إلى العالم،بل أن السماء تتحول إلى اللون الأحمر الدموي.وكثرة الموتى في الدنيا بسبب الأمراض والحروب والفساد.وكذلك ظهور يأجوج ومأجوج،بل أن هناك بعض الروايات التي تؤكد على ظهور الحسين بن علي مع المهدي،ولا أدري أكان هو الأخر غائباً!!!.
فالمهدي في سماته الرئيسة هو إعادة صياغة لفترة النبوة وإحياء لمشروع اليوتوبيا الإسلامية أي أساطير العصر الذهبي،فهو كما ورد عنه أشد ما يكون الشبه بجده النبي،وما سوف يحققه هو إخراج العالم من الظلمات إلى النور،ومن الفساد إلى الصلاح،أي أن فكرة المهدوية هي إمتداد طبيعي للنبوة في موضوع الفكر الشيعي بشكل خاص.
أي أنه كلما زاد الكون فساداً كلما كان المهدي قرباً،وكلما تعددت أشكال الظلم تنوعت أحلام النجاة،تحولت الأحلام إلى رغبات مصدقة،يتطور خلالها كل الفكر الإنساني لصالح المخلص،فما أورده التشيع لا يختلف كثيراً عما ورد في كل الأفكار الإنسانية على مدار تاريخها،فالبطل المخلص همّ حملناه لأنفسنا حتى نحتمل ما لا يُحتمل،عندما يتحول الإنتظار إلى قيمة،والصمت إلى غاية.
الثلاثاء، 31 مارس 2009
الأربعاء، 25 مارس 2009
أسرار المصالحة بين إيران والقرضاوي
إن بدايات القضية ليست غائبة عن أحد ،فمنذ أعلن يوسف القرضاوي (رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين) موقفه شديد اللهجة ضد التشيع وإيران،منذ ما يقرب من ستة أشهر ،وأعتبر القرضاوي أن إيران هي صاحبة المصلحة الأولى في نشر التشيع في العالم الإسلامي بل و(التبشير) به على حد قوله،ذلك التعبير الذي أغضب الأوساط الشيعية والإيرانية تحديداً أكثر من الموضوع ذاته،فآية الله تسخيري (رئيس الإتحاد العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية) بل ونائب (الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين) الذي يرأسه القرضاوي،قد أعرب عن إستياءه الشديد من موقف القرضاوي الذي قد يثير الفتنه بين عموم المسلمين،وأكثر ما أثاره وصف القرضاوي المد الشيعي بالتبشير (فهذا اللفظ لا يستخدم إلا لوصف حركات التبليغ المسيحي في العالم) على حد قوله،والمنشور على موقع الإتحاد العالمي للتقريب بين المذهب رداً على دعاوي القرضاوي.الغريب في الأمر أنه لم ينكر وجود المد الشيعي من عدمه،وكأنه أمر مسلم به ولا حاجة لنقاشه ولكن الاختلاف فقط أنستخدم تبشير أم مد!!.
وظلت الأزمة مشتعلة ولكن بشكل محير،فطوال الفترة السابقة كان الهجوم الشيعي العربي على القرضاوي أشد قوة من رد الفعل الإيراني،فهذا أحمد راسم النفيس في موقع (صوت العراق بتاريخ 16 ـ 9 ـ 2008) يجرجرنا جميعاً إلى مناطق خلاف تراثية ليس موضوعها الآن ولا حتى تصريحات القرضاوي حين قال :" نحن بالتأكيد لا نرد هنا على هذيانات الشيخ ولا على المبررات التي يسوقها لتدعيم تحذيراته أو تحريضه المستمر، و من أجل طمأنته فهو في كل الحالات لا يختلف ولن يختلف عن معاوية ويزيد وزياد ابن أبيه الذين قتلوا أصحاب النبي الأكرم محمدا صلى الله عليه وآله لأنهم حسب شهادة أبي بردة بن أبي موسى الأشعري (كفروا بالله) نسبة لأمير المؤمنين ومولى المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام!!.. ولكننا نود أن يعرف الجميع أن الشيعة في مصر لا يحظون بدعم أي جهة على وجه الأرض شيعية كانت أم غير شيعية وليس لهم أي ميزانية رغم أن الشيخ يزعم أن الميزانية تتجاوز المليار دولار أو يزيدون!!.." . وهذا محمد الباقر المهدي (سكرتير المراجع الدينية لشيعة الكويت) يطالب الأزهر برفع العمامة عن القرضاوي،وإسقاط قطر الجنسية عنه،لأنه يثير الفتنة بين المسلمين.ولا أدري هل الشيعة العرب قرروا الدفاع عن إيران وعلاقتها بالمد الشيعي،أم دافعوا لصالح إستقلاليتهم المزعومة عن إيران فحولوا دفة الحديث عن المذهب لا عن إيران؟مع التأكيد على نفيهم أي صلة بإيران أو تمويلها،مما يؤكد بشكل أو بأخر أن كلاهما (الشيعة العرب وإيران) وجهان لعملة واحدة،مهما أشاعوا العكس.
فطوال نفس المدة لم تتعدى تصريحات إيران ضد القرضاوي سوى ما نشر في وكالة (مهر) للأخبار،والتي تنصلت منه بعد ذلك،وهذه المفارقة تستدعي تساؤلات عدة ملتبسة إلى حد بعيد،فكما نشر على موقع القرضاوي أن (الدكتور سيد مهدي خاموشي) رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي الإيراني) قد أرسل إعتذاراً للقرضاوي عما بدر من موظف غير منضبط في وكالة مهر وأنه تم فصله،كما تسلم رسالة دعوة خاصة من (علي لريجاني) رئيس مجلس الشورى الإيراني،لحضور المؤتمر الدولي الرابع المنعقد بإيران،وهذا منشور بتاريخ (10/3/2009).أي أن الإعتذار يؤكد فقط على ما تم نشره في مهر،وأنه مجرد خطأ موظف لم يستشر الوكالة فيما يفعل.دعنا نراجع عناصر الخطاب الإعتذاري ،فهو مرسل يوم (28 /2/2009)،أي بعد إشتعال الأزمة بستة أشهر،وبعد نشر الموضوع في مهر بنفس المدة تقريباً فهو منشور بتاريخ (13/9/2008)،وكاتب المقال الذي تم فصله هو (حسن هانى زاده) وهو رئيس القسم العربي في الوكالة وخبير بالشئون العربية والإيرانية وله العديد من المقالات والدراسات بهذا الشأن،وذا تواجد ملحوظ على الساحات العربية الخليجية واللبنانية خاصة.ويمكن إجمال مقالته التي أثارت كل هذه الضجة في الآتي،المقالة مكتوبة تحت عنوان " القرضاوي وخطابه الطائفي "،ومن أهم ما كتبه في المقال : " هذا الكلام وما شابهه سبق وأن جاء على لسان حاخامات اليهود الذين كانوا ومازالوا يحذرون العالم من خطر المد الشيعي واستبصار المجتمعات العربية لأن الخسائر التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في حرب تموز عام 2006 جاءت على يد أبناء الطائفة الشيعية في لبنان دون غيرها.... ولا شك أيضا بأن الشيخ القرضاوي يستذكر تماما أنه خلال نكسة حزيران كان جنرالات العرب في العريش وشرم الشيخ وسيناء قد هربوا من ميادين القتال متنكرين بزي رعاة الأغنام تاركين وحداتهم العسكرية عرضة للغزو الصهيوني.فعندما تأتي بعدما يقارب أربعة عقود على تلك النكسة الأليمة ، ثلة من الشباب في لبنان ليعيدوا المجد والإباء إلى الأمة الإسلامية فلابد أن يصبح هؤلاء الشبان قدوة لباقي شباب العرب بغض النظر عن هويتهم.". وكأن الحرب الإسرائيلية اللبنانية جاءت لصالح حزب الله نتيجة لتشيعه ليس إلا ولا علاقة لأي من الموازنات الدولية أو الخيارات الإستراتيجية والذي على رأسها إيران ذاتها أي إعتبار من وجهة نظره.كما نلاحظ أن الزمن قد توقف لدى كاتب المقال فلم يعلم شيئاً عن حرب (1973)،فما زال متوقفاً عند مرحلة هزيمة (67).
وكذلك : " فإذا بات المذهب الشيعي يلقى تجاوباً لدى الشعوب المسلمة الواقعة تحت الظلم والإضطهاد فهذا مدعاة للفخر والسرور ويعتبر معجزة من معجزات آل بيت رسول الله "ص" لأن الشعوب المسلمة وجدت ضالتها في هذا المذهب الإسلامي اإانساني حيث أن الشيعة قدمت نموذجاً رائعاً من الحكم الإسلامي لم يكن متوفرا بعد حكم النبي "ص" وحكم أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام".
فالكاتب لم ينكر أي مما قاله القرضاوي من مد شيعي ولكن هذا لا يعود الفضل فيه لإيران أو غيرها إنما للمعجزات الخارقة التي ينتجها المذهب وآل البيت ،فالمذهب هو المسؤول بشكل مباشر فليحاسبه القرضاوي إذن!!!.
ومن ضمن ما قال كذلك : " فتنامي المد الشيعي لا يحتاج الى خبراء ولا إنفاق المليارات من الدولارات ولا بكوادر متدربة بل يعتبر صحوة حقيقية باتت تجتاح الشعوب المسلمة التي سئمت من سماع التصريحات المنافقة لعلماء السوء ونزعتهم الطائفية.فإذن الرغبة الجامحة لدى الشباب العربي في الإنتماء الى المذهب الشيعي تعود الى تسامح هذا المذهب وابتعاده عن العصبية الطائفية الجاهلية وإنفتاحه على مناقشة باقي الآراء والأفكار حيث أن باقي المذاهب الإسلامية تختلف كثيرا عن مثل هذه التوجهات ولا تقبل الرأي الآخر...... ألا يحق للشعوب الإسلامية أن تشكك بإنتماء الشيخ القرضاوي السياسي وتتساءل : هل بات الشيخ القرضاوي يتحدث بهذه التصريحات المشينة نيابة عن زعماء الماسونية العالمية أو عن الحاخامات اليهود؟لماذا يسعى هذا الشيخ الكهل بين حين وآخر لإثارة النعرات الطائفية وتوجيه الإساءة إلى شيعة آل رسول الله "ص" مستغلا الإعلام العربي والغربي المثير للفتن؟." "
يُعد هذا المقال هو الأهم على الساحة الإيرانية في هذه القضية وقد يكون الوحيد،والذي أثار القرضاوي لدرجة أنه طالب بإعتذار رسمي من الحكومة الإيرانية،والتي بدورها زايدت على طلبه وفصلت (حسن زاده)،والذي علق بدوره على فصله في (الأخبار اللبنانية عدد 655 / الإثنين 2008)،بأنه غير نادم على ما قاله عن القرضاوي،وأنه تقبل قرار الفصل برحابة صدر حرصاً منه على الوحدة الإسلامية ومساعدة لطهران في وأد نار الفتنة التي أثارها القرضاوي ـ وهذا بالطبع ما نلاحظه في مقالته السابقة الذكر فهو كما يبدوا غير متعصب تماماً وفي منتهى الموضوعية !!!ـ كما وصف في ذات الرد القرضاوي بوصفه عميلاً للوهابية وأنه يحظى بدعم سعودي من قناة العربية و جريدة الشرق الأوسط،واللذين بدورهم متواطئين مع إسرائيل ضد إيران والشيعة في العالم.(فحسن زاده) يعرض موقفه بوصف أن المذهب الشيعي هو المخلص للشعوب العربية بل والعالم من ظلم الدولة الإسرائيلية،وأن كل من يعارضه أو يعارض إنتشاره عميل للسلفيين ولإسرائيل في كفة واحدة من وجهة نظره.
المثير للجدل كذلك أن إعتذار إيران يأتي ممهور من رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي ) تلك المنظمة تتبع مباشرة ( المجلس الأعلى للثورة الثقافية الإيرانية)،والذي أسس من قبل الخوميني ذاته بعد الثورة مباشرة ويهدف إلى نشر الفكر الثوري وتطهير الواقع الثقافي والجامعي من كل معارض للفكر الإسلامي أو للمبادئ الثورية،وكذلك العمل على أسلمة الجو الجامعي وتغيير البرامج التعليمية بما يعود بمنفعة على الشعب الإيراني (هذا من خلال اللائحة التأسيسية للمجلس) والذي يرأسه المرشد الأعلى شخصياً، ويضم (44) عضواً أساسياً يُعدون من المحركين للواقع الإيراني في كل المجالات،فمنهم (محمود أحمدي نجاد)،و(علي لاريجاني)،و(علي أكبر ولايتي)،وكذلك ( سيد مهدي خاموشي) رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي)،وكما تتبع وزارة الثقافة ،وجهاز التليفزيون وغيرهما الكثير المجلس الأعلى للثورة الثقافية.
أي أن رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي) يُعد من الشخصيات الفاعلة على الساحة الإيرانية،وله مكانته القريبة من صنع القرار في إيران،كما أن الدور المنوط بالمنظمة هو نشر الفكر الثوري الإسلامي ومواجهة كل من يضر بهذا المبدأ من أي جهة،ولها إنتشارها في كل محافظات إيران ولها نفوذ لا يُستهان به في الدول ذات الطابع الشيعي سواء حكومةً أو شعباً.وقد صدق الخوميني ذاته على قيام تلك المنظمة بوصفها منظمة لها إستقلاليتها القانونية والإدراية فهي شبه حكومية ولكن لا تتبع مباشرة أي جهاز حكومي إلا المرشد بالطبع.فهي ذات صلة مباشرة بالجماهير والمنوطة بتثقيفه وتوعيته والحفاظ على وعيه من أي دعايات خارجية ضد التوجهات الإسلامية أو الثورية ـ فهي من ضمن الأوصياء على الوعي الاجتماعي الإيراني ـ ،ومن ضمن أهم ما تقوم به هو (تفعيل وكالة مهر)،والتي تتبعها مباشرة الآن.ودورها هو نشر أخبار المنظمة مبدئياً وكذلك العمل على نشر كل ما يخدم توجهات الدولة الإيرانية على كل المستويات وفي كل الجهات.
وبالتالي نلاحظ أن تسلسل الذي ينتج (مهر) يجعلها من المؤسسات الدعائية المهمة في نطاق الدولة الإيرانية،وأن ما فعله (حسن هانى زاده) لا يتعدى كونه أداء يزايد فيه على التوجهات الإيرانية بشكل عام وعلى سياسة المؤسسة التي تتبعها الوكالة،حتى وإن لم تُعلن المنظمة أي قرار رسمي على لسان (سيد مهدي خاموشي) ضد تصريحات القرضاوي.وهذا ما ينقلنا إلى تساؤل آخر إن كان كانت مقالة (حسن زاده) نابعة من التوجهات الإيرانية فلماذا تعمل المؤسسة على طرده؟،من وجهة نظري أن التضخيم الإعلامي الذي صاحب صدور المقاله، اختزل الدور الإيراني في القضية إلى مجرد شخص كتب مقالة واحدة في هذا الشأن مما حدى بإيران أن تنفي كل الصيغ الممكنة التي تورطها ،فرغم أنها المستهدفة الأولى من تصريحات القرضاوي إلا أنها قررت أخذ موقف الحياد الظاهري وكل ما فعله كاتب المقال أنه كسر هذا الحياد عامداً أو مأموراً.
خاصة وأن هناك من ينوب عن إيران في هذا الشأن وهم الشيعة في المجتمعات العربية الذين كانوا على أهبة الإستعداد للرد عن إيران أو أي تورط قد يشوبها في قضية المد الشيعي في العالم العربي،وحين قررت إيران الإعتذار عن موقف هذا الموظف غير المنضبط على حد تعبير رسالة الإعتذار،فيصمت الجميع كل الأبواق الدعائية المناقضة للقرضاوي،وكأنها أشارت لهم بالتوقف،فجفت الأقلام.مما يؤكد من حيث رغب الجميع في النفي أن لإيران سطوتها الحقة على المجتمعات الشيعية في البلدان العربية.
والتساؤل الذي أصبح أكثر إلحاحاً هو لماذا أثار القرضاوي كل هذه الأزمة،وما الفائدة التي قد تعود عليه من تورطه في هذه المعركة الوهمية،فكما أشرنا أن نائبه في الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين هو (آية الله تسخيري) أي أن الشيعة لهم حضورهم الكافي في الإتحاد ذاته الذي يرأسه.هذا من جانب ومن جانب أخر ما أتى به القرضاوي ليس بجديد على الإطلاق فمن المعلوم بالبداهة أن هناك تواجد شيعي كبير في مصر والخليج وسوريا ولبنان بالطبع،وغيرها من البلدان العربية،وأن هناك صلات قوية بين الشيعة العرب و الجمهورية الإيرانية،وأن نظرية المد الشيعي والإمتداد الإيراني في المنطقة قضية تحتاج إلى مزيد من النقاش،فمن ضمن الأهداف الرئيسية للثورة الإيرانية هو نشر الفكر الثوري ذا الطابع الديني،في محاولة دائمة من إيران لفرض نفوذها العام على العالم العربي وغيره من المجتمعات،ولكن الأمر ليس بالضرورة مرتبطاً بالتشيع،وإلا فما تفسير العلاقات المتينة بيين إيران وحماس مثلاً.وكأن القرضاوي قرر إستخراج تراثيات التاريخ الإسلامي من أمثال سب الصحابة وتقديس آل البيت وغير ذلك من القضايا التي على أهميتها التاريخية إلا أنها بعيدة عن الواقع الديني الآن على مستوى التأثير على الأقل.فهل من الممكن الأن أن يتحول سني إلى شيعي؟!،ولما؟!،وماذا سيضيف التشيع للواقع الديني العربي.خاصة وأن هناك جانب واضح من القضية لابد من الإشارة إليه وهو المد السلفي في المقابل في كل الصياغات العربية بل وغير العربية فهل أراد القرضاوي أن يهاجم المد الشيعي لصالح المد السلفي مثلاً؟!.
والغريب في الأمر هو موقف الإخوان المسلمين من القضية برمتها،إلتزام الصمت إزاء تصريحات القرضاوي في محاولة منهم لتحميلة المسؤولية منفرداً بلإضافة للمحافظة على العلاقات المتينة بالنظام الإيراني،فيُترك الأمر مع إلتزام إيران الصمت لتصبح القضية بين القرضاوي الممثل للتيار السلفي أمام الشيعة العرب.حتى تتم التسوية بين إيران والقرضاوي.بعيداً عن ساحة الإخوان المستفيدة من كل الجوانب.
خاصة وأن الدعوة موجهة للقرضاوي من (علي لريجاني) الذي بالإضافه إلى كونه رئيس مجلس الشورى الإيراني،كان الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي،وهذا المجلس يُعد من المجالس الأساسية التي تعمل على تحديد المصالح الوطنية الكبرى وقد استقال منه اعتراضاً على إدارة نجاد للدولة خاصة للملف النووي،ودور وزير الخارجية الإيراني (منوچهرمتقي) في تدوير القضية دولياً،هذا بالإضافة إلى كون علي لريجاني كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي السابق.والدولة الإيرانية مهما بدا عليها أنها دولة مؤسسات ولكنها ستظل دولة أشخاص.فما تفسير أن شخصيات بهذا الثقل في المجتمع الإيراني تعمل على ترضية القرضاوي بشتى الوسائل.
ثم تأتي تصريحات القرضاوي (المصري اليوم العدد 1733 الخميس 12/3/2009) تؤكد أن المصالحة مع إيران ولكن ليست مع التشيع،فهو مع إيران كدولة ومع حقها في إمتلاك مشروعها النووي ولو قاتلتها الولايات المتحدة،ولكنه يرفض المد الشيعي.ولا أدري ما هذا التناقض البادي في خطاب القرضاوي،(وكأن المد الشيعي هيمد لوحده) بدون إيران، فهل هو مع إيران أم ضدها،وإن كان معها فلماذا الهجوم على دورها في المنطقة الذي تراه مناسباً لمصالحها كدولة بما في ذلك نشر التشيع؟!،وإن كان ضدها فما سر قبول الإعتذار وعقد تسوية تبدوا واضحة للعيان بين الحكومة الإيرانية المتجسدة في شخص (سيد مهدي خاموشي) ومنظمة الإعلام الإسلامي متوارية خلف طابع المنظمة المستقل نسبياً أو الشبه رسمي،وبين القرضاوي بوصفه (رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين).وذا سطوة خاصة على معظم التوجات الإسلامية في المنطقة.فهل كانت تلك النهاية هي التي هدف إليها القرضاوي منذ البداية؟!.
وهل سنتابع الفترة القادمة تصريحات مختلفة تماماً لكلا الطرفين؟।،وما هي المصالح المرجوة لإيران في هذه المرحلة من التسوية،وما علاقة هذا بتصريحات القرضاوي عن الملف النووي الإيراني، ونظرة الحكومة الأمريكية الجديدة للدور الإيراني في المنطقة هذا ما ستوضحه الأحداث في الأيام الآتية.
وظلت الأزمة مشتعلة ولكن بشكل محير،فطوال الفترة السابقة كان الهجوم الشيعي العربي على القرضاوي أشد قوة من رد الفعل الإيراني،فهذا أحمد راسم النفيس في موقع (صوت العراق بتاريخ 16 ـ 9 ـ 2008) يجرجرنا جميعاً إلى مناطق خلاف تراثية ليس موضوعها الآن ولا حتى تصريحات القرضاوي حين قال :" نحن بالتأكيد لا نرد هنا على هذيانات الشيخ ولا على المبررات التي يسوقها لتدعيم تحذيراته أو تحريضه المستمر، و من أجل طمأنته فهو في كل الحالات لا يختلف ولن يختلف عن معاوية ويزيد وزياد ابن أبيه الذين قتلوا أصحاب النبي الأكرم محمدا صلى الله عليه وآله لأنهم حسب شهادة أبي بردة بن أبي موسى الأشعري (كفروا بالله) نسبة لأمير المؤمنين ومولى المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام!!.. ولكننا نود أن يعرف الجميع أن الشيعة في مصر لا يحظون بدعم أي جهة على وجه الأرض شيعية كانت أم غير شيعية وليس لهم أي ميزانية رغم أن الشيخ يزعم أن الميزانية تتجاوز المليار دولار أو يزيدون!!.." . وهذا محمد الباقر المهدي (سكرتير المراجع الدينية لشيعة الكويت) يطالب الأزهر برفع العمامة عن القرضاوي،وإسقاط قطر الجنسية عنه،لأنه يثير الفتنة بين المسلمين.ولا أدري هل الشيعة العرب قرروا الدفاع عن إيران وعلاقتها بالمد الشيعي،أم دافعوا لصالح إستقلاليتهم المزعومة عن إيران فحولوا دفة الحديث عن المذهب لا عن إيران؟مع التأكيد على نفيهم أي صلة بإيران أو تمويلها،مما يؤكد بشكل أو بأخر أن كلاهما (الشيعة العرب وإيران) وجهان لعملة واحدة،مهما أشاعوا العكس.
فطوال نفس المدة لم تتعدى تصريحات إيران ضد القرضاوي سوى ما نشر في وكالة (مهر) للأخبار،والتي تنصلت منه بعد ذلك،وهذه المفارقة تستدعي تساؤلات عدة ملتبسة إلى حد بعيد،فكما نشر على موقع القرضاوي أن (الدكتور سيد مهدي خاموشي) رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي الإيراني) قد أرسل إعتذاراً للقرضاوي عما بدر من موظف غير منضبط في وكالة مهر وأنه تم فصله،كما تسلم رسالة دعوة خاصة من (علي لريجاني) رئيس مجلس الشورى الإيراني،لحضور المؤتمر الدولي الرابع المنعقد بإيران،وهذا منشور بتاريخ (10/3/2009).أي أن الإعتذار يؤكد فقط على ما تم نشره في مهر،وأنه مجرد خطأ موظف لم يستشر الوكالة فيما يفعل.دعنا نراجع عناصر الخطاب الإعتذاري ،فهو مرسل يوم (28 /2/2009)،أي بعد إشتعال الأزمة بستة أشهر،وبعد نشر الموضوع في مهر بنفس المدة تقريباً فهو منشور بتاريخ (13/9/2008)،وكاتب المقال الذي تم فصله هو (حسن هانى زاده) وهو رئيس القسم العربي في الوكالة وخبير بالشئون العربية والإيرانية وله العديد من المقالات والدراسات بهذا الشأن،وذا تواجد ملحوظ على الساحات العربية الخليجية واللبنانية خاصة.ويمكن إجمال مقالته التي أثارت كل هذه الضجة في الآتي،المقالة مكتوبة تحت عنوان " القرضاوي وخطابه الطائفي "،ومن أهم ما كتبه في المقال : " هذا الكلام وما شابهه سبق وأن جاء على لسان حاخامات اليهود الذين كانوا ومازالوا يحذرون العالم من خطر المد الشيعي واستبصار المجتمعات العربية لأن الخسائر التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في حرب تموز عام 2006 جاءت على يد أبناء الطائفة الشيعية في لبنان دون غيرها.... ولا شك أيضا بأن الشيخ القرضاوي يستذكر تماما أنه خلال نكسة حزيران كان جنرالات العرب في العريش وشرم الشيخ وسيناء قد هربوا من ميادين القتال متنكرين بزي رعاة الأغنام تاركين وحداتهم العسكرية عرضة للغزو الصهيوني.فعندما تأتي بعدما يقارب أربعة عقود على تلك النكسة الأليمة ، ثلة من الشباب في لبنان ليعيدوا المجد والإباء إلى الأمة الإسلامية فلابد أن يصبح هؤلاء الشبان قدوة لباقي شباب العرب بغض النظر عن هويتهم.". وكأن الحرب الإسرائيلية اللبنانية جاءت لصالح حزب الله نتيجة لتشيعه ليس إلا ولا علاقة لأي من الموازنات الدولية أو الخيارات الإستراتيجية والذي على رأسها إيران ذاتها أي إعتبار من وجهة نظره.كما نلاحظ أن الزمن قد توقف لدى كاتب المقال فلم يعلم شيئاً عن حرب (1973)،فما زال متوقفاً عند مرحلة هزيمة (67).
وكذلك : " فإذا بات المذهب الشيعي يلقى تجاوباً لدى الشعوب المسلمة الواقعة تحت الظلم والإضطهاد فهذا مدعاة للفخر والسرور ويعتبر معجزة من معجزات آل بيت رسول الله "ص" لأن الشعوب المسلمة وجدت ضالتها في هذا المذهب الإسلامي اإانساني حيث أن الشيعة قدمت نموذجاً رائعاً من الحكم الإسلامي لم يكن متوفرا بعد حكم النبي "ص" وحكم أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام".
فالكاتب لم ينكر أي مما قاله القرضاوي من مد شيعي ولكن هذا لا يعود الفضل فيه لإيران أو غيرها إنما للمعجزات الخارقة التي ينتجها المذهب وآل البيت ،فالمذهب هو المسؤول بشكل مباشر فليحاسبه القرضاوي إذن!!!.
ومن ضمن ما قال كذلك : " فتنامي المد الشيعي لا يحتاج الى خبراء ولا إنفاق المليارات من الدولارات ولا بكوادر متدربة بل يعتبر صحوة حقيقية باتت تجتاح الشعوب المسلمة التي سئمت من سماع التصريحات المنافقة لعلماء السوء ونزعتهم الطائفية.فإذن الرغبة الجامحة لدى الشباب العربي في الإنتماء الى المذهب الشيعي تعود الى تسامح هذا المذهب وابتعاده عن العصبية الطائفية الجاهلية وإنفتاحه على مناقشة باقي الآراء والأفكار حيث أن باقي المذاهب الإسلامية تختلف كثيرا عن مثل هذه التوجهات ولا تقبل الرأي الآخر...... ألا يحق للشعوب الإسلامية أن تشكك بإنتماء الشيخ القرضاوي السياسي وتتساءل : هل بات الشيخ القرضاوي يتحدث بهذه التصريحات المشينة نيابة عن زعماء الماسونية العالمية أو عن الحاخامات اليهود؟لماذا يسعى هذا الشيخ الكهل بين حين وآخر لإثارة النعرات الطائفية وتوجيه الإساءة إلى شيعة آل رسول الله "ص" مستغلا الإعلام العربي والغربي المثير للفتن؟." "
يُعد هذا المقال هو الأهم على الساحة الإيرانية في هذه القضية وقد يكون الوحيد،والذي أثار القرضاوي لدرجة أنه طالب بإعتذار رسمي من الحكومة الإيرانية،والتي بدورها زايدت على طلبه وفصلت (حسن زاده)،والذي علق بدوره على فصله في (الأخبار اللبنانية عدد 655 / الإثنين 2008)،بأنه غير نادم على ما قاله عن القرضاوي،وأنه تقبل قرار الفصل برحابة صدر حرصاً منه على الوحدة الإسلامية ومساعدة لطهران في وأد نار الفتنة التي أثارها القرضاوي ـ وهذا بالطبع ما نلاحظه في مقالته السابقة الذكر فهو كما يبدوا غير متعصب تماماً وفي منتهى الموضوعية !!!ـ كما وصف في ذات الرد القرضاوي بوصفه عميلاً للوهابية وأنه يحظى بدعم سعودي من قناة العربية و جريدة الشرق الأوسط،واللذين بدورهم متواطئين مع إسرائيل ضد إيران والشيعة في العالم.(فحسن زاده) يعرض موقفه بوصف أن المذهب الشيعي هو المخلص للشعوب العربية بل والعالم من ظلم الدولة الإسرائيلية،وأن كل من يعارضه أو يعارض إنتشاره عميل للسلفيين ولإسرائيل في كفة واحدة من وجهة نظره.
المثير للجدل كذلك أن إعتذار إيران يأتي ممهور من رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي ) تلك المنظمة تتبع مباشرة ( المجلس الأعلى للثورة الثقافية الإيرانية)،والذي أسس من قبل الخوميني ذاته بعد الثورة مباشرة ويهدف إلى نشر الفكر الثوري وتطهير الواقع الثقافي والجامعي من كل معارض للفكر الإسلامي أو للمبادئ الثورية،وكذلك العمل على أسلمة الجو الجامعي وتغيير البرامج التعليمية بما يعود بمنفعة على الشعب الإيراني (هذا من خلال اللائحة التأسيسية للمجلس) والذي يرأسه المرشد الأعلى شخصياً، ويضم (44) عضواً أساسياً يُعدون من المحركين للواقع الإيراني في كل المجالات،فمنهم (محمود أحمدي نجاد)،و(علي لاريجاني)،و(علي أكبر ولايتي)،وكذلك ( سيد مهدي خاموشي) رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي)،وكما تتبع وزارة الثقافة ،وجهاز التليفزيون وغيرهما الكثير المجلس الأعلى للثورة الثقافية.
أي أن رئيس (منظمة الإعلام الإسلامي) يُعد من الشخصيات الفاعلة على الساحة الإيرانية،وله مكانته القريبة من صنع القرار في إيران،كما أن الدور المنوط بالمنظمة هو نشر الفكر الثوري الإسلامي ومواجهة كل من يضر بهذا المبدأ من أي جهة،ولها إنتشارها في كل محافظات إيران ولها نفوذ لا يُستهان به في الدول ذات الطابع الشيعي سواء حكومةً أو شعباً.وقد صدق الخوميني ذاته على قيام تلك المنظمة بوصفها منظمة لها إستقلاليتها القانونية والإدراية فهي شبه حكومية ولكن لا تتبع مباشرة أي جهاز حكومي إلا المرشد بالطبع.فهي ذات صلة مباشرة بالجماهير والمنوطة بتثقيفه وتوعيته والحفاظ على وعيه من أي دعايات خارجية ضد التوجهات الإسلامية أو الثورية ـ فهي من ضمن الأوصياء على الوعي الاجتماعي الإيراني ـ ،ومن ضمن أهم ما تقوم به هو (تفعيل وكالة مهر)،والتي تتبعها مباشرة الآن.ودورها هو نشر أخبار المنظمة مبدئياً وكذلك العمل على نشر كل ما يخدم توجهات الدولة الإيرانية على كل المستويات وفي كل الجهات.
وبالتالي نلاحظ أن تسلسل الذي ينتج (مهر) يجعلها من المؤسسات الدعائية المهمة في نطاق الدولة الإيرانية،وأن ما فعله (حسن هانى زاده) لا يتعدى كونه أداء يزايد فيه على التوجهات الإيرانية بشكل عام وعلى سياسة المؤسسة التي تتبعها الوكالة،حتى وإن لم تُعلن المنظمة أي قرار رسمي على لسان (سيد مهدي خاموشي) ضد تصريحات القرضاوي.وهذا ما ينقلنا إلى تساؤل آخر إن كان كانت مقالة (حسن زاده) نابعة من التوجهات الإيرانية فلماذا تعمل المؤسسة على طرده؟،من وجهة نظري أن التضخيم الإعلامي الذي صاحب صدور المقاله، اختزل الدور الإيراني في القضية إلى مجرد شخص كتب مقالة واحدة في هذا الشأن مما حدى بإيران أن تنفي كل الصيغ الممكنة التي تورطها ،فرغم أنها المستهدفة الأولى من تصريحات القرضاوي إلا أنها قررت أخذ موقف الحياد الظاهري وكل ما فعله كاتب المقال أنه كسر هذا الحياد عامداً أو مأموراً.
خاصة وأن هناك من ينوب عن إيران في هذا الشأن وهم الشيعة في المجتمعات العربية الذين كانوا على أهبة الإستعداد للرد عن إيران أو أي تورط قد يشوبها في قضية المد الشيعي في العالم العربي،وحين قررت إيران الإعتذار عن موقف هذا الموظف غير المنضبط على حد تعبير رسالة الإعتذار،فيصمت الجميع كل الأبواق الدعائية المناقضة للقرضاوي،وكأنها أشارت لهم بالتوقف،فجفت الأقلام.مما يؤكد من حيث رغب الجميع في النفي أن لإيران سطوتها الحقة على المجتمعات الشيعية في البلدان العربية.
والتساؤل الذي أصبح أكثر إلحاحاً هو لماذا أثار القرضاوي كل هذه الأزمة،وما الفائدة التي قد تعود عليه من تورطه في هذه المعركة الوهمية،فكما أشرنا أن نائبه في الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين هو (آية الله تسخيري) أي أن الشيعة لهم حضورهم الكافي في الإتحاد ذاته الذي يرأسه.هذا من جانب ومن جانب أخر ما أتى به القرضاوي ليس بجديد على الإطلاق فمن المعلوم بالبداهة أن هناك تواجد شيعي كبير في مصر والخليج وسوريا ولبنان بالطبع،وغيرها من البلدان العربية،وأن هناك صلات قوية بين الشيعة العرب و الجمهورية الإيرانية،وأن نظرية المد الشيعي والإمتداد الإيراني في المنطقة قضية تحتاج إلى مزيد من النقاش،فمن ضمن الأهداف الرئيسية للثورة الإيرانية هو نشر الفكر الثوري ذا الطابع الديني،في محاولة دائمة من إيران لفرض نفوذها العام على العالم العربي وغيره من المجتمعات،ولكن الأمر ليس بالضرورة مرتبطاً بالتشيع،وإلا فما تفسير العلاقات المتينة بيين إيران وحماس مثلاً.وكأن القرضاوي قرر إستخراج تراثيات التاريخ الإسلامي من أمثال سب الصحابة وتقديس آل البيت وغير ذلك من القضايا التي على أهميتها التاريخية إلا أنها بعيدة عن الواقع الديني الآن على مستوى التأثير على الأقل.فهل من الممكن الأن أن يتحول سني إلى شيعي؟!،ولما؟!،وماذا سيضيف التشيع للواقع الديني العربي.خاصة وأن هناك جانب واضح من القضية لابد من الإشارة إليه وهو المد السلفي في المقابل في كل الصياغات العربية بل وغير العربية فهل أراد القرضاوي أن يهاجم المد الشيعي لصالح المد السلفي مثلاً؟!.
والغريب في الأمر هو موقف الإخوان المسلمين من القضية برمتها،إلتزام الصمت إزاء تصريحات القرضاوي في محاولة منهم لتحميلة المسؤولية منفرداً بلإضافة للمحافظة على العلاقات المتينة بالنظام الإيراني،فيُترك الأمر مع إلتزام إيران الصمت لتصبح القضية بين القرضاوي الممثل للتيار السلفي أمام الشيعة العرب.حتى تتم التسوية بين إيران والقرضاوي.بعيداً عن ساحة الإخوان المستفيدة من كل الجوانب.
خاصة وأن الدعوة موجهة للقرضاوي من (علي لريجاني) الذي بالإضافه إلى كونه رئيس مجلس الشورى الإيراني،كان الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي،وهذا المجلس يُعد من المجالس الأساسية التي تعمل على تحديد المصالح الوطنية الكبرى وقد استقال منه اعتراضاً على إدارة نجاد للدولة خاصة للملف النووي،ودور وزير الخارجية الإيراني (منوچهرمتقي) في تدوير القضية دولياً،هذا بالإضافة إلى كون علي لريجاني كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي السابق.والدولة الإيرانية مهما بدا عليها أنها دولة مؤسسات ولكنها ستظل دولة أشخاص.فما تفسير أن شخصيات بهذا الثقل في المجتمع الإيراني تعمل على ترضية القرضاوي بشتى الوسائل.
ثم تأتي تصريحات القرضاوي (المصري اليوم العدد 1733 الخميس 12/3/2009) تؤكد أن المصالحة مع إيران ولكن ليست مع التشيع،فهو مع إيران كدولة ومع حقها في إمتلاك مشروعها النووي ولو قاتلتها الولايات المتحدة،ولكنه يرفض المد الشيعي.ولا أدري ما هذا التناقض البادي في خطاب القرضاوي،(وكأن المد الشيعي هيمد لوحده) بدون إيران، فهل هو مع إيران أم ضدها،وإن كان معها فلماذا الهجوم على دورها في المنطقة الذي تراه مناسباً لمصالحها كدولة بما في ذلك نشر التشيع؟!،وإن كان ضدها فما سر قبول الإعتذار وعقد تسوية تبدوا واضحة للعيان بين الحكومة الإيرانية المتجسدة في شخص (سيد مهدي خاموشي) ومنظمة الإعلام الإسلامي متوارية خلف طابع المنظمة المستقل نسبياً أو الشبه رسمي،وبين القرضاوي بوصفه (رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين).وذا سطوة خاصة على معظم التوجات الإسلامية في المنطقة.فهل كانت تلك النهاية هي التي هدف إليها القرضاوي منذ البداية؟!.
وهل سنتابع الفترة القادمة تصريحات مختلفة تماماً لكلا الطرفين؟।،وما هي المصالح المرجوة لإيران في هذه المرحلة من التسوية،وما علاقة هذا بتصريحات القرضاوي عن الملف النووي الإيراني، ونظرة الحكومة الأمريكية الجديدة للدور الإيراني في المنطقة هذا ما ستوضحه الأحداث في الأيام الآتية.
إنسحاب (خاتمي) زعيم الإصلاحين في إيران ..لصالح من؟
كان لانسحاب محمد خاتمي أبرز عناصر الحركة الإصلاحية في إيران من الترشيح للإنتخابات الرئاسية في دورتها العاشرة والتي ستنعقد في يونيو المقبل،أثره البالغ على الساحة السياسية الإيرانية،فقد أعلن في بيان رسمي يوم 16/3/2009 أمام اللجنة الشبابية المؤيدة له في حملته الإنتخابية،أنه قد فرر سحب ترشيحه من الإنتخابات الرئاسية.وذلك حتى يمنع تشتت الأصوات الممكن الحدوث نتيجة لتعدد المرشحين من الإتجاه الإصلاحي.ولاتفوتنا الإشارة للدور السياسي الذي لعبه خاتمى على مدار تاريخه.
فهو الرئيس الخامس للجمهورية الإيرانية لدورتين متتاليتين (1997 ـ 2005) ،كانت له نشاطات معارضة لنظام الشاه،حيث بدأ نشاطه السياسي في إتحاد الطلبة المسلمين في جامعة أصفهان وعمل بالقرب من أحمد الخوميني ابن الإمام الخوميني، وترأس مركز هامبورج للدراسات الإسلامية ،وبعد قيام الثورة الإسلامية دخل البرلمان في دورته الأولى 1980، ممثلاً عن مقاطعة (اردكان) مسقط رأسه،وعين وزيراً للثقافه والإرشاد الإسلامي 1982، من ِقبّل الخوميني.وفي أثناء الحرب العراقية تولى عدة مناصب أهمها،نائب رئيس القيادة المشتركة للقوات المسلحة،ورئيس قيادة الحرب الدعائية.ومستشاراً لرئيس الجمهورية (هاشمي رفسنجاني) (1992) وذلك بعد إستقالته من منصب وزير الثقافة في عهده نتيجه لأسلوبه المغاير في التعامل مع المعارضة.وفي الإنتخابات الإيرانية عام(1997) نال نسبة 70% من الأصوات أي حوالي (20 مليون صوت أغلبهم من النساء والشباب).وفي فترة رئاسته استطاع أن يُغير من صورة إيران أمام المجتمع الدولي،وأسس للحركات الإصلاحية والتي تهدف إلى تعديل الأوضاع الأصولية المتشددة التي تحكم إيران.أي أن لخاتمي تاريخه الكافي الذي من الممكن أن يجعله منافساً لايستهان به أمام (نجاد) الرئيس الحالي لإيران والذي من المؤكد أنه سيرشح نفسه لفترة رئاسية ثانية (وذلك تبعاً لتصريح (ثمره هاشمي) مستشار رئيس الجمهوية لوكالة (شفاف) الإخبارية 16/3/2009 على إثر بيان خاتمي).
صرح خاتمي في بيانه أن هدفه الأول هو (أن النزعة الأخلاقية لابد وأن تسود على امتلاك القوة)،فلا يصح أن يشكل وجوده ضرراً بالمصالح الإيرانية ولا التوجهات الإصلاحية فهو يشجع أن تتوحد الأصوات على شخصية إصلاحية واحدة ( ومن أهم المتقدمين من هذا الإتجاه مير حسين موسوي رئيس مجلس الوزراء (1981 ـ 1988) أي طوال فترة الحرب العراقية حتى تم إلغاء هذا المنصب طبقاً لتعديل دستوري فأصبح هو آخر رئيس وزراء لإيران كما عمل كمستشار لخاتمي طوال فترة رئاسته للجمهورية ومصنف تبعاً للإتجاه الإصلاحي المعتدل،ومهدي كروبي رئيس مجلس الشورى الإيراني الأسبق)،وقد تنازل خاتمي عن ترشيحه لصالح (مير حسين موسوي)،بحيث يرى أنه يتسم بالأخلاق الجيدة والشعبية بل والرضا من الجانب الأصولي المسيطر الأن،وإذا كان الهدف من الإنتخابات هو الفوز ـ حسب تعبيره ـ فمير حسين هو القادر على هذا بلا منازع(خاصة إذا وضعنا تاريخه في الحرب العراقية في الإعتبار).كما صرح خاتمي أنه قد تلقى طالبات كثير من الإصلاحيين بالانسحاب وبالتالي هو سيقف على حدود الدعم للمرشح الرئاسي الجديد.وفي المقابل أرسل موسوي رسالة إلى خاتمي،يخبره فيها بتأثره الشديد لهذا القرار،وأنه تشرف بالعمل معه أثناء فترة رئاسته،وأن الإصلاح لن يتأتى إلا بالعودة للأصول،وأنه سيواصل مسيرة خاتمي الإصلاحية.
وفي رأي الإصلاحيين مثل (دكتور محسن مير دامادي)(رئيس جبهة المشاركة الإسلامية)(جريدة نوروز 17/3/2009)،أن إنسحاب خاتمي سيحبط عملية الإصلاح من أساسها،وأن (مير حسين) لن يتمكن من تحقيق ما يمكن أن يحققه خاتمي لو وصل للرئاسة.في حين يرى الإتجاه المحافظ أن هذا يعكس عدم إتفاق على أسماء المرشحين في الجبهة الإصلاحية وبالتالي يشير إلى تشتت الجبهة بشكل عام.كما نشرت وكالة أنباء (BBC)(16/3/2009)،أن الانسحاب سيترك نجاد أقوى برغم الأزمات الإقتصادية والدولية الذي أوقع بها إيران خلال فترة رئاسته.(خاصة إذا علمنا أن هناك خلاف بين علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) وبين نجاد على الميزانية المقدمة لمجلس الشورى لبحثها والموافقة عليها، وقد يعود ذلك أيضاً لقرب فترة الإنتخابات الرئاسية فعلي لاريجاني من ضمن الأسماء المرشحه لهذا المنصب).
على كل،فإن انسحاب خاتمي قبل بداية المعركة الفعلية،لابد وأن سبقه تسوية ما،فهل تأكد خاتمي من خسارته أمام نجاد فأجل المعركة للفترة التالية؟،خاصة لقرب نجاد من المرشد العام،حتى وإن كان بعيداً عن النخبة،فله حضور لا يستهان به أيضاً في الأوساط الشعبية ذات النسبة الأعلى بالطبع.أم هل الأزمة داخلية بالفعل داخل الإتجاه الإصلاحي وفقدان خاتمي السيطرة على الوضع بشكل عام؟ولكن من المؤكد أن انسحابه يعد انحصار فعلي للتيار الإصلاحي في إيران والتأكيد على سطوة المحافظين على الأقل في الفترة القادمة.
وكما بكى خاتمي لدى نجاحه في فترة الرئاسة الثانية،فحيرت دموعه الكثيرين، أبكى كل من عاش حلم الإصلاح في بلاده يوم انسحابه، ويبقى التساؤل،ماذا كان سيقدم خاتمي لإيران لو لم ينسحب؟!
فهو الرئيس الخامس للجمهورية الإيرانية لدورتين متتاليتين (1997 ـ 2005) ،كانت له نشاطات معارضة لنظام الشاه،حيث بدأ نشاطه السياسي في إتحاد الطلبة المسلمين في جامعة أصفهان وعمل بالقرب من أحمد الخوميني ابن الإمام الخوميني، وترأس مركز هامبورج للدراسات الإسلامية ،وبعد قيام الثورة الإسلامية دخل البرلمان في دورته الأولى 1980، ممثلاً عن مقاطعة (اردكان) مسقط رأسه،وعين وزيراً للثقافه والإرشاد الإسلامي 1982، من ِقبّل الخوميني.وفي أثناء الحرب العراقية تولى عدة مناصب أهمها،نائب رئيس القيادة المشتركة للقوات المسلحة،ورئيس قيادة الحرب الدعائية.ومستشاراً لرئيس الجمهورية (هاشمي رفسنجاني) (1992) وذلك بعد إستقالته من منصب وزير الثقافة في عهده نتيجه لأسلوبه المغاير في التعامل مع المعارضة.وفي الإنتخابات الإيرانية عام(1997) نال نسبة 70% من الأصوات أي حوالي (20 مليون صوت أغلبهم من النساء والشباب).وفي فترة رئاسته استطاع أن يُغير من صورة إيران أمام المجتمع الدولي،وأسس للحركات الإصلاحية والتي تهدف إلى تعديل الأوضاع الأصولية المتشددة التي تحكم إيران.أي أن لخاتمي تاريخه الكافي الذي من الممكن أن يجعله منافساً لايستهان به أمام (نجاد) الرئيس الحالي لإيران والذي من المؤكد أنه سيرشح نفسه لفترة رئاسية ثانية (وذلك تبعاً لتصريح (ثمره هاشمي) مستشار رئيس الجمهوية لوكالة (شفاف) الإخبارية 16/3/2009 على إثر بيان خاتمي).
صرح خاتمي في بيانه أن هدفه الأول هو (أن النزعة الأخلاقية لابد وأن تسود على امتلاك القوة)،فلا يصح أن يشكل وجوده ضرراً بالمصالح الإيرانية ولا التوجهات الإصلاحية فهو يشجع أن تتوحد الأصوات على شخصية إصلاحية واحدة ( ومن أهم المتقدمين من هذا الإتجاه مير حسين موسوي رئيس مجلس الوزراء (1981 ـ 1988) أي طوال فترة الحرب العراقية حتى تم إلغاء هذا المنصب طبقاً لتعديل دستوري فأصبح هو آخر رئيس وزراء لإيران كما عمل كمستشار لخاتمي طوال فترة رئاسته للجمهورية ومصنف تبعاً للإتجاه الإصلاحي المعتدل،ومهدي كروبي رئيس مجلس الشورى الإيراني الأسبق)،وقد تنازل خاتمي عن ترشيحه لصالح (مير حسين موسوي)،بحيث يرى أنه يتسم بالأخلاق الجيدة والشعبية بل والرضا من الجانب الأصولي المسيطر الأن،وإذا كان الهدف من الإنتخابات هو الفوز ـ حسب تعبيره ـ فمير حسين هو القادر على هذا بلا منازع(خاصة إذا وضعنا تاريخه في الحرب العراقية في الإعتبار).كما صرح خاتمي أنه قد تلقى طالبات كثير من الإصلاحيين بالانسحاب وبالتالي هو سيقف على حدود الدعم للمرشح الرئاسي الجديد.وفي المقابل أرسل موسوي رسالة إلى خاتمي،يخبره فيها بتأثره الشديد لهذا القرار،وأنه تشرف بالعمل معه أثناء فترة رئاسته،وأن الإصلاح لن يتأتى إلا بالعودة للأصول،وأنه سيواصل مسيرة خاتمي الإصلاحية.
وفي رأي الإصلاحيين مثل (دكتور محسن مير دامادي)(رئيس جبهة المشاركة الإسلامية)(جريدة نوروز 17/3/2009)،أن إنسحاب خاتمي سيحبط عملية الإصلاح من أساسها،وأن (مير حسين) لن يتمكن من تحقيق ما يمكن أن يحققه خاتمي لو وصل للرئاسة.في حين يرى الإتجاه المحافظ أن هذا يعكس عدم إتفاق على أسماء المرشحين في الجبهة الإصلاحية وبالتالي يشير إلى تشتت الجبهة بشكل عام.كما نشرت وكالة أنباء (BBC)(16/3/2009)،أن الانسحاب سيترك نجاد أقوى برغم الأزمات الإقتصادية والدولية الذي أوقع بها إيران خلال فترة رئاسته.(خاصة إذا علمنا أن هناك خلاف بين علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) وبين نجاد على الميزانية المقدمة لمجلس الشورى لبحثها والموافقة عليها، وقد يعود ذلك أيضاً لقرب فترة الإنتخابات الرئاسية فعلي لاريجاني من ضمن الأسماء المرشحه لهذا المنصب).
على كل،فإن انسحاب خاتمي قبل بداية المعركة الفعلية،لابد وأن سبقه تسوية ما،فهل تأكد خاتمي من خسارته أمام نجاد فأجل المعركة للفترة التالية؟،خاصة لقرب نجاد من المرشد العام،حتى وإن كان بعيداً عن النخبة،فله حضور لا يستهان به أيضاً في الأوساط الشعبية ذات النسبة الأعلى بالطبع.أم هل الأزمة داخلية بالفعل داخل الإتجاه الإصلاحي وفقدان خاتمي السيطرة على الوضع بشكل عام؟ولكن من المؤكد أن انسحابه يعد انحصار فعلي للتيار الإصلاحي في إيران والتأكيد على سطوة المحافظين على الأقل في الفترة القادمة.
وكما بكى خاتمي لدى نجاحه في فترة الرئاسة الثانية،فحيرت دموعه الكثيرين، أبكى كل من عاش حلم الإصلاح في بلاده يوم انسحابه، ويبقى التساؤل،ماذا كان سيقدم خاتمي لإيران لو لم ينسحب؟!
الثلاثاء، 24 مارس 2009
ولاية الفقيه والدولة الدينية في إيران
كان قيام الثورة الإيرانية(1979) مسبوق بالعديد من المبادئ النظرية التي تُعد مفصليات حقيقية في تطور الفكر الشيعي في إطار الممارسة السياسية،أهمها على الاطلاق مبدأ (ولاية الفقيه)،تناولنا في المقالة السابقة العلاقة بين مبدأ الولاية والإمامة،وإشكالية غيبة الإمام الأخير واعتماد الفقهاء بوصفهم أولياء على الخلق لحين عودة المهدي ثانية،أي الأسس التاريخية لتبادل دور الوصاية على الناس من ولاية إمام لولاية فقيه.ولكن ما علاقة مبدأ الولاية بالدولة الدينية المفترضة والمتحققة في إيران؟.
الهدف الديني خاصة المذهبي الشيعي من إقامة دولة هو تطبيق القانون الإلهي أو التشريع على المجتمعات التي تعيش قي ظل هذا الحلم ـ المنزوعة الإرادة والوصاية منذ البداية بالطبع ـ فكان صراع الأئمة الشيعة وغيرهم في المذاهب الأخرى بناء مجتمع يأتي ترتيب الحريات الفردية والمجتمعية فيه تحت تصوراتهم هم فقط عن صالح الإنسانية من منظورهم الخاص.وأصبح الخلاف في الفكر الشيعي بعد غياب الإمام على الولاية المطلقة للفقيه على الأمة،أي أنه له نفس صلاحيات الإمام المطلقة والتي هي متوارثة بالطبع من ولاية النبي المطلقة ـ حسب النظرية الشيعية ـ أم أن ولاية الفقيه تلك محدودة أي لايملك كل السلطات والصلاحيات المطلقة على المجتمع في كل شئونه.وكانت إجابة هذا التساؤل مؤسسة لنظرية أخرى خاصة بإقامة الدولة الدينية.
فهل يصح بناء دولة دينية في ظل غيبة الإمام أي بولاية الفقيه فقط،أم لابد من إنتظار المهدي لتحقق الحلم؟،اتجاه رآى أنه لا ولاية لأحد على الناس ـ خاصة المطلقة منهاـ طالما الإمام ما زال غائباً،والأفضل هو الإنتظار لحين عودته والتزام مبدأ التَقيّة ـ أي أن يكون الظاهر غير الباطن فمن الممكن أن يماري الإنسان السلطان الجائر ويكون على دينه ويُبطن ما يعتقده وهذا المبدأ متسق كذلك من الطبيعة الفلسفية للتشيع فلكل ظاهر باطن ولكل باطن ظاهر وليس بالضرورة أن يؤدي أحدهم للأخر ـ هذا من جانب.ومن جانب أخر أكد الإتجاه الثاني على ضرورة إقامة الدولة الدينية وأن الفقيه لدية القدرة على إقامتها بشرط معرفته بكافة احتياجات المجتمع ليس فقط على المستوى الديني ولكن في كل المجالات الإقتصادية والعسكرية وغيرها ويكون باب الإجتهاد مفتوح حتى يسع تطورات المجتمعات،ولكن في النهاية هو صاحب السلطان المطلق ،وذلك متسقاً مع وجود دولة قوية صالحة لإستقبال المهدي حال عودته.
ثم جاء الخوميني الذي تبنى الإتجاه الأخر على مستوى الممارسة الفعلية فمنذ عام 1969 وهو يؤسس لهذه الممارسة،حتى بعد نفية ـ من قِبل نظام الشاه ـ من إيران للنجف في العراق وتركيا حتى باريس،وهو يؤكد أن ولاية الفقية مطلقة لا مساس بها،وأنها مستجلبة من ولاية الإمام،بل أنه يمد الخيط لآخره حتى العهد النبوي فالنبي لم يكن فقط مشرّعاً وإنما مطبقاً ومنفذاً،كما أن هدف الخلافة من بعده ليست إلا تطبيق تلك الأحكام الدينية التي اكتملت في عهده،وكذا هو دور الأئمة،فمن البديهي أن يكون للفقيه نفس هذا الدور بوصفه الأكثر علماً وفقهاً.والدولة لدى الخوميني دولة تنفيذية أي قائمة على تنفيذ شرع الله،أي لا تنقسم الدولة إلى تشريعية وتنفيذية،فالتشريع قائم ومكتمل كل ما ينقصه هو التنفيذ فقط،والولي الفقيه هو المسئول عن ذلك لا غيره. فكما قال :"الفقهاء هم الحكام الحقيقيون والسلطة حق واجب لهم ولا يجوز لغيرهم منافستهم في هذا الأمر"، ويشترط في الفقيه الكمال الأخلاقي والإعتقادي.(ولا أدري ما هي الكيفية التي سنحاكم بها هذا الشرط سوى مبدأ الإنتقائية والهوى في اختيار الفقيه)،والسلطة لديه لا تتبع مبدأ الأغلبية أو ديموقراطية الأكثرية كما في المجتمع المدني،وإلا فإن الأقلية ستظل معرضة لظلم الأكثرية،فالأحكم هو تطبيق الشرع فقط دون النظر لغيره.أي نفي كل اعتبار للسلطة الشعبية.فالفقيه من وجة نظره ليس رئيساً أو أو قائداً،بل أهم إنه المرشد الأعلى الموجه الأسمى لكل شئ.
فالدولة الدينية الإيرانية بتجليتها الخومينية أُسست بناءاً على سلطة الفقيه المطلقة ورؤيته الدينية الخاصة به فقط والمطبقة على الجميع بلا إستثناء،فهو الأعلم بمصالح الأمة القاصرة حتى عن الوعي بمصالحها، مما ولد بعض الإتجاهات المعارضة.
(جريدة صوت البلد)
الهدف الديني خاصة المذهبي الشيعي من إقامة دولة هو تطبيق القانون الإلهي أو التشريع على المجتمعات التي تعيش قي ظل هذا الحلم ـ المنزوعة الإرادة والوصاية منذ البداية بالطبع ـ فكان صراع الأئمة الشيعة وغيرهم في المذاهب الأخرى بناء مجتمع يأتي ترتيب الحريات الفردية والمجتمعية فيه تحت تصوراتهم هم فقط عن صالح الإنسانية من منظورهم الخاص.وأصبح الخلاف في الفكر الشيعي بعد غياب الإمام على الولاية المطلقة للفقيه على الأمة،أي أنه له نفس صلاحيات الإمام المطلقة والتي هي متوارثة بالطبع من ولاية النبي المطلقة ـ حسب النظرية الشيعية ـ أم أن ولاية الفقيه تلك محدودة أي لايملك كل السلطات والصلاحيات المطلقة على المجتمع في كل شئونه.وكانت إجابة هذا التساؤل مؤسسة لنظرية أخرى خاصة بإقامة الدولة الدينية.
فهل يصح بناء دولة دينية في ظل غيبة الإمام أي بولاية الفقيه فقط،أم لابد من إنتظار المهدي لتحقق الحلم؟،اتجاه رآى أنه لا ولاية لأحد على الناس ـ خاصة المطلقة منهاـ طالما الإمام ما زال غائباً،والأفضل هو الإنتظار لحين عودته والتزام مبدأ التَقيّة ـ أي أن يكون الظاهر غير الباطن فمن الممكن أن يماري الإنسان السلطان الجائر ويكون على دينه ويُبطن ما يعتقده وهذا المبدأ متسق كذلك من الطبيعة الفلسفية للتشيع فلكل ظاهر باطن ولكل باطن ظاهر وليس بالضرورة أن يؤدي أحدهم للأخر ـ هذا من جانب.ومن جانب أخر أكد الإتجاه الثاني على ضرورة إقامة الدولة الدينية وأن الفقيه لدية القدرة على إقامتها بشرط معرفته بكافة احتياجات المجتمع ليس فقط على المستوى الديني ولكن في كل المجالات الإقتصادية والعسكرية وغيرها ويكون باب الإجتهاد مفتوح حتى يسع تطورات المجتمعات،ولكن في النهاية هو صاحب السلطان المطلق ،وذلك متسقاً مع وجود دولة قوية صالحة لإستقبال المهدي حال عودته.
ثم جاء الخوميني الذي تبنى الإتجاه الأخر على مستوى الممارسة الفعلية فمنذ عام 1969 وهو يؤسس لهذه الممارسة،حتى بعد نفية ـ من قِبل نظام الشاه ـ من إيران للنجف في العراق وتركيا حتى باريس،وهو يؤكد أن ولاية الفقية مطلقة لا مساس بها،وأنها مستجلبة من ولاية الإمام،بل أنه يمد الخيط لآخره حتى العهد النبوي فالنبي لم يكن فقط مشرّعاً وإنما مطبقاً ومنفذاً،كما أن هدف الخلافة من بعده ليست إلا تطبيق تلك الأحكام الدينية التي اكتملت في عهده،وكذا هو دور الأئمة،فمن البديهي أن يكون للفقيه نفس هذا الدور بوصفه الأكثر علماً وفقهاً.والدولة لدى الخوميني دولة تنفيذية أي قائمة على تنفيذ شرع الله،أي لا تنقسم الدولة إلى تشريعية وتنفيذية،فالتشريع قائم ومكتمل كل ما ينقصه هو التنفيذ فقط،والولي الفقيه هو المسئول عن ذلك لا غيره. فكما قال :"الفقهاء هم الحكام الحقيقيون والسلطة حق واجب لهم ولا يجوز لغيرهم منافستهم في هذا الأمر"، ويشترط في الفقيه الكمال الأخلاقي والإعتقادي.(ولا أدري ما هي الكيفية التي سنحاكم بها هذا الشرط سوى مبدأ الإنتقائية والهوى في اختيار الفقيه)،والسلطة لديه لا تتبع مبدأ الأغلبية أو ديموقراطية الأكثرية كما في المجتمع المدني،وإلا فإن الأقلية ستظل معرضة لظلم الأكثرية،فالأحكم هو تطبيق الشرع فقط دون النظر لغيره.أي نفي كل اعتبار للسلطة الشعبية.فالفقيه من وجة نظره ليس رئيساً أو أو قائداً،بل أهم إنه المرشد الأعلى الموجه الأسمى لكل شئ.
فالدولة الدينية الإيرانية بتجليتها الخومينية أُسست بناءاً على سلطة الفقيه المطلقة ورؤيته الدينية الخاصة به فقط والمطبقة على الجميع بلا إستثناء،فهو الأعلم بمصالح الأمة القاصرة حتى عن الوعي بمصالحها، مما ولد بعض الإتجاهات المعارضة.
(جريدة صوت البلد)
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)