مرت على إيران العديد من الفترات التاريخية التي وصلت خلالها لقمة السيطرة الحضارية على العالم القديم،من أهمها مرحلة الدولة (الأكمينية ـ الهخامانشية) والتي حكمت خلال القرن الخامس والرابع قبل الميلاد،وتمثل هذه المرحلة بداية تكوين الدولة المدنية القائمة على أساس توسعي إمبراطوري،بحيث تم اخضاع لمناطق العراق القديم وصولاً لليونان ومصر،وكانت بداية تكوين جيش مركزي وحكومة قائمة على أساس قبلي متميز،فهناك قبيلة واحدة متمتعة بفكرة الدم الملكي والتي انحدر منها (قورش) وصولاً (لدارا ـ داريوش ) .ثم تأتي مرحلة الدولة الساسانية بعد فترة الحكم اليوناني لفارس على يد الاسكندر المقدوني،فكانت بمثابة إحياء للقومية الفارسية ونظم الحكم القديم والعودة لفكرة الحكم الملكي المطلق،واستمرت هذه الحقبة منذ القرن الثاني الميلادي وصولاً للحكم العربي بعد الإسلام.
أهم ما يُميز الدولة الساسانية فكرة الحكم المطلق للملك وكذلك اختيار الديانة الزرادشتية كديانة رسمية للبلاد،واستمرار فكرة التقسيم الطبقي بداية بطبقة الملوك (الشاهنشاهية)،ثم طبقة رجال الدين،وطبقة رجال الحرب والجيش،ثم الكتاب والموظفين،وفي النهاية الشعب والفلاحين.وهذه الطبقات محاصرة بالمفاهيم الاجتماعية والقبيلية مما يستحيل تغير الوضع الطبقي للفرد طالما هو منتمي لقبيلة بعينها عن غيرها،ذلك المفهوم القبلي الذي تتطور لمفهوم الأسرات العظيمة بعد ذلك.وهذا لا يمنع أن يُعين الملك بمطلق حريته من يراه مناسباً لأي منصب كان،فهناك كبير الوزراء،وقائد الجيش،غير أن كبير الموابدة معين من قبل رجال الدين الزرادشتي وهو المسؤول عن كل القضايا الدينية في البلاد فهو المرشد الروحي للملك وله سلطانه المنفصل إلى حد ما عن سلطة الملك.أي أن الدولة الدينية لا غنى عنها في العقل الاجتماعي الإيراني مهما تطورت أو تغيرت الديانات،وكذلك فكرة سمو طبقة عن أخرى وإطلاقية الحكم لفئة ما عن باقي الشعب،والذي تنحصر مهمته في الأعمال الدنيا وتوفير الضرائب على هذه الأعمال.
واستمرت تلك الأسس في إيران الحديثة وصولاً للدولة القاجارية (1795م) وحتى الدولة البهلوية (1921م) وصولاً للجمهورية الإيرانية (1979م)،فطوال التاريخ الإيراني ونظم الحكم معتمدة على شقين الأول الملكية بإطلاقها المقدس،ورجال الدين ونفوذهم وإرشادهم الروحي سواء هذا الإرشاد أو السطوة الدينية زرادشتية أو مذهبية شيعية.ولكن المميز للجمهورية الإيرانية هو الجمع بين الشقين قي ظل ولاية الفقيه والتي ناقشنا جذورها الاعتقادية والقكرية في الأعداد السابقة من (صوت البلد).فهي تُعد التجلي السياسي لفكرة دولة المهدي والحكم الشرعي الإلهي الممتد من قداسة الأئمة في المذهب الشيعي.
أول مراكز السلطة في إيران هو (القائد) الذي نص الدستور على منحه كل السلطات الدينية والسياسية،أي الجمع بين كلا المستويين للسلطة،وينص الدستور في مادته (109) على أنه بعد وفاة الخوميني سيتم اختيار المرشد من قبل مجلس الخبراء على أساس الفقهية والأعلمية والقدرة على الإدراة المطلقة،وهذا الاختيار قاصر على هذا المجلس دون غيره ولا يحق للناس مراجعته.ويلي المرشد (مجلس القيادة) والذي يختاره المرشد أو القائد الأعلى وتكون مهمته القيام بأعمال المرشد حال موته أو عجزه،و للمرشد القدرة المطلقة على تعيين أو عزل كل من لا يراه مناسباً لمنصبه أو لتوجهات الدولة والدستور.وبعد وفاة الخوميني عام (1989)،تولى (علي خامنئي) منصب الإرشاد العام وما زال للأن.
يلي منصب المرشد تبعاً للدستور الإيراني الهيئة التنفيذية،والمجسدة في منصب الرئيس ومجلس الوزراء،والقوات المسلحة والحرس الثوري.والرئيس يلي المرشد العام وهو المسئول عن تنفيذ الدستور، ومدة حكمه لا تتجاوز فترتان متتاليتان كل فترة محددة بأربع سنوات.ويشترط فيه أن يكون بالطبع إبراني الجنسية،وأن يكون متديناً مؤمن ،مؤيد لكل توجهات الثورة وأسسها.أي أن الدين شرط مؤسس حتى لمن يلي المرشد.
والمسؤول عن اختيار رئيس الجمهورية ليس الشعب مستقل،بل يُعرض المرشحين على مجلس الأوصياء أو (مجلس صيانة الدستور) وهو مكون من 12 عضواً 6 منهم يختارهم المرشد العام،والباقي معينين من قبل مجلس الشورى،وهذا المجلس مسؤول بعد ذلك عن مراجعة دستورية قرارات مجلس الشورى،وتحييد الأسماء التي لا يراها مناسبة لرياسة الجمهورية.أي أن عناصر اللعبة ستظل بيد المرشد مهما بدا العكس.
وللرئيس معظم السلطات التنفيذية،وله الحق في تعيين الوزراء ورئيس مجلس الوزراء ولكن بعد عرض الأسماء المرشحة على مجلس الشورى (البرلمان) المنتخب من قبل الشعب،وللبرلمان حق سحب الثقة أو الموافقة من عدمها على أحد المرشحين،بالطبع بعد مراجعة قرارته من قبل مجلس صيانة الدستور،وبالتالي المرشد.
وللحديث بقية
(منشورة في جريدة صوت البلد )
أهم ما يُميز الدولة الساسانية فكرة الحكم المطلق للملك وكذلك اختيار الديانة الزرادشتية كديانة رسمية للبلاد،واستمرار فكرة التقسيم الطبقي بداية بطبقة الملوك (الشاهنشاهية)،ثم طبقة رجال الدين،وطبقة رجال الحرب والجيش،ثم الكتاب والموظفين،وفي النهاية الشعب والفلاحين.وهذه الطبقات محاصرة بالمفاهيم الاجتماعية والقبيلية مما يستحيل تغير الوضع الطبقي للفرد طالما هو منتمي لقبيلة بعينها عن غيرها،ذلك المفهوم القبلي الذي تتطور لمفهوم الأسرات العظيمة بعد ذلك.وهذا لا يمنع أن يُعين الملك بمطلق حريته من يراه مناسباً لأي منصب كان،فهناك كبير الوزراء،وقائد الجيش،غير أن كبير الموابدة معين من قبل رجال الدين الزرادشتي وهو المسؤول عن كل القضايا الدينية في البلاد فهو المرشد الروحي للملك وله سلطانه المنفصل إلى حد ما عن سلطة الملك.أي أن الدولة الدينية لا غنى عنها في العقل الاجتماعي الإيراني مهما تطورت أو تغيرت الديانات،وكذلك فكرة سمو طبقة عن أخرى وإطلاقية الحكم لفئة ما عن باقي الشعب،والذي تنحصر مهمته في الأعمال الدنيا وتوفير الضرائب على هذه الأعمال.
واستمرت تلك الأسس في إيران الحديثة وصولاً للدولة القاجارية (1795م) وحتى الدولة البهلوية (1921م) وصولاً للجمهورية الإيرانية (1979م)،فطوال التاريخ الإيراني ونظم الحكم معتمدة على شقين الأول الملكية بإطلاقها المقدس،ورجال الدين ونفوذهم وإرشادهم الروحي سواء هذا الإرشاد أو السطوة الدينية زرادشتية أو مذهبية شيعية.ولكن المميز للجمهورية الإيرانية هو الجمع بين الشقين قي ظل ولاية الفقيه والتي ناقشنا جذورها الاعتقادية والقكرية في الأعداد السابقة من (صوت البلد).فهي تُعد التجلي السياسي لفكرة دولة المهدي والحكم الشرعي الإلهي الممتد من قداسة الأئمة في المذهب الشيعي.
أول مراكز السلطة في إيران هو (القائد) الذي نص الدستور على منحه كل السلطات الدينية والسياسية،أي الجمع بين كلا المستويين للسلطة،وينص الدستور في مادته (109) على أنه بعد وفاة الخوميني سيتم اختيار المرشد من قبل مجلس الخبراء على أساس الفقهية والأعلمية والقدرة على الإدراة المطلقة،وهذا الاختيار قاصر على هذا المجلس دون غيره ولا يحق للناس مراجعته.ويلي المرشد (مجلس القيادة) والذي يختاره المرشد أو القائد الأعلى وتكون مهمته القيام بأعمال المرشد حال موته أو عجزه،و للمرشد القدرة المطلقة على تعيين أو عزل كل من لا يراه مناسباً لمنصبه أو لتوجهات الدولة والدستور.وبعد وفاة الخوميني عام (1989)،تولى (علي خامنئي) منصب الإرشاد العام وما زال للأن.
يلي منصب المرشد تبعاً للدستور الإيراني الهيئة التنفيذية،والمجسدة في منصب الرئيس ومجلس الوزراء،والقوات المسلحة والحرس الثوري.والرئيس يلي المرشد العام وهو المسئول عن تنفيذ الدستور، ومدة حكمه لا تتجاوز فترتان متتاليتان كل فترة محددة بأربع سنوات.ويشترط فيه أن يكون بالطبع إبراني الجنسية،وأن يكون متديناً مؤمن ،مؤيد لكل توجهات الثورة وأسسها.أي أن الدين شرط مؤسس حتى لمن يلي المرشد.
والمسؤول عن اختيار رئيس الجمهورية ليس الشعب مستقل،بل يُعرض المرشحين على مجلس الأوصياء أو (مجلس صيانة الدستور) وهو مكون من 12 عضواً 6 منهم يختارهم المرشد العام،والباقي معينين من قبل مجلس الشورى،وهذا المجلس مسؤول بعد ذلك عن مراجعة دستورية قرارات مجلس الشورى،وتحييد الأسماء التي لا يراها مناسبة لرياسة الجمهورية.أي أن عناصر اللعبة ستظل بيد المرشد مهما بدا العكس.
وللرئيس معظم السلطات التنفيذية،وله الحق في تعيين الوزراء ورئيس مجلس الوزراء ولكن بعد عرض الأسماء المرشحة على مجلس الشورى (البرلمان) المنتخب من قبل الشعب،وللبرلمان حق سحب الثقة أو الموافقة من عدمها على أحد المرشحين،بالطبع بعد مراجعة قرارته من قبل مجلس صيانة الدستور،وبالتالي المرشد.
وللحديث بقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق