الثلاثاء، 17 مارس 2009

الجمهورية الإيرانية وحماس


ذكرت جريدة (اطلاعات) الإيرانية الصادرة في( 1 فبراير 2009)،أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في زيارة لإيران مع وفد من الحركة ،حاملاً رسالة شكر لإيران حكومةً وشعباً على الدعم الذي لمسته حماس من الجانب الإيراني أثناء الحرب على غزة.وأنه سوف يلتقى بالقائد الأعلى للثورة الإيرانية (على خامنئي) ورئيس الجمهورية (أحمدي نجاد)،ومن المقرر أنه سيلتقي بالطلاب في جامعة تهران.هنا ينتهي الخبر ليكون مفتتح لتساؤلات عدة.
بالطبع لم تكن تلك هي الزيارة الأولى لإيران من قبل حماس،فمنذ نجاح حماس في الإنتخابات الفسطينية الأخيرة،هنأت الحكومة الإيرانية رسمياً وصول حماس إلى السلطة كداعمة للمقاومة الإسلامية في المنطقة،بل أن (علي خامنئي) أعلن أن إيران سوف تدعم حماس مادياً نتيجه لتجميد أموالها من قبل إسرائيل.وأثناء فترة الحصار الإسرائيلي لغزة أعلن (هشمي رفسانجاني) رئيس مجلس تحديد مصلحة النظام ورئيس الجمهورية الأسبق ـ أثناء زيارة خالد مشعل لإيران ـ (أن غزة هي الساحة الحقيقية للجهاد الإسلامي).وفي أثناء نفس الزيارة صرح (نجاد) بعد إشادته بدور حماس،(أن إيران ستكون الداعمة للأمة الفلسطينية المنكوبة).ولا ندري أي شكل من أشكال الدعم أراده نجاد،لكن من المؤكد أنه دعم لحماس فقط وليست للأمة الفلسطينية كما أعلن،بدليل الحرب الإسرائيلية على غزة فيما بعد.
المحير في الأمر ليس الدور الإيراني في الإنتقائية السياسية لحماس من دون غيرها في فلسطين،ولكن التساؤل هنا عن الدور الذي تلعبه حماس مع إيران،فمنذ إعلان حماس الرسمي (1987)،لم يكن لإيران أي حضور يُذكر،بل أن زعماء الحركة (ياسين ،الرنتيسي،...وغيرهم)،لم يلتقوا بأي من الزعماء الإيرانيين في ظل الحضور الطاغي لإيران أثناء حرب الخليج الأولى.والمعلوم بالبديهة أن حماس هي إعادة صياغة للإخوان المسلمين،والدعم الذي تتلقاه من أنظمة عربية تدعم التوجهات الإسلامية السياسية في المنطقة.وذلك إذا أضفنا البعد المذهبي في القضية،فحماس ليست حزب الله الشيعي ذا البناء والبنية الإيرانية.خاصة مع وجود جماعة (الجهاد الإسلامي) ذات التوجهات الإيرانية الصريحة ،أي أن هناك تواجد إيراني ملحوظ في فلسطين.فما الحاجة لكل هذا الدعم الإيراني لحماس؟.
هل تكون الإجابة لدى جماعة الإخوان،ذات العلاقات التي من الممكن أن توصف بالجيدة بالنظام الإيراني وبرموز التشيع في الشرق الأوسط ،فلدى قيام الثورة الإيرانية (1979)،كان تعليق أبو الأعلى المودودي (مجلة الدعوة العدد19 \1979)،أن على جميع المسلمين تأييد هذه الثورة بكل الأشكال.ومن وجهة نظر إيرانية (د.عباس خامه يار)(مدير مركز الأبحاث والعلاقات الثقافية الإيرانية) في كتابه (إيران والإخوان المسلمين)،يؤكد أن الذي يجمع بين كلا الاتجاهين هو الفكر الوحدوي المتجسد في هدف كلاهما تثبيت الإسلام كنظام للحكم،ونجاح إيران في تحقيق الهدف وسعي الإخوان لذلك،رغم بعض الخلافات الناتجة عن إنتماء الإخوان أحياناً للدعاوي الوهابية ضد إيران والتشيع بصفة عامة.هذا إذا وضعنا في الاعتبار موقف إخوان الأردن من الثورة الإيرانية ودعمها لكل أنشطة المد الثوري في عهد الخوميني وبعده.
وكذلك موقف الإخوان السلبي تجاه أحد رجالاتهم (القرضاوي) إذاء تصريحاته ضد المد الشيعي وإيران.مما يؤكد أن العلاقة التي تجمع بين الثلاثة جهات (حماس وإيران والإخوان)،علاقة تحكمها المصالح الأيدلوجية العامة بعيداً عن التفاصيل الدينية،فحماس هي بؤرة الحركة لكلا الشكلين،فهي مساحة تفريغ جيدة للأموال العربية الإخوانية وللعناصر التي تجسد الإتجاه الحركي بعد الهدوء النسبي الذي اعترى شكل الإخوان في مصر وغيرها من البلدان. كما أنها هي حلقة الوصل الحقيقية بين النظام الإيراني وجماعة الإخوان.
وعلى الجانب الإيراني تُعد حماس هي اللاعب الأهم في القضية الفلسطينية ،تلك القضية التي تتلاعب بها إيران على كافة الأوجه الخارجية والداخلية،فيكون الدعم أسلحة إيرانية تساهم في مزيد من الاشتعال في المنطقة بشكل عام تحت لافتة مقاومة الاحتلال،بل لا يمكن تبريئ إيران وحماس من دورهما في تفعيل أزمة غزة।حتى يتسق ذلك وزحزحة الأزمات الإيرانية (الداخلية والخارجية) خارج حدودها مع إحراج لكل النظم العربية المسؤولة عن الملف الفلسطيني.وتظل حماس تعلن وبشكل دائم أن الحرب على غزة لم تمس المقاومة وأنها لن توقف إطلاق النار ما دام هناك وجود لإسرائيل _ كما صرح خالد مشعل في لقاءه الأخير مع خامنئي ـ مما يؤكد أن مصلحة كل الأطراف أن تظل الأزمة مشتعلة وبهذا الشكل المطروح فقط لخدمة توجهات جميع التيارات الإسلامية في المنطقة.
(صوت البلد)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق