إن الهدف من قيام الثورات بشكل عام هو تغيير الوضع الاجتماعي والسياسي للمجتمعات التي هدفت الثورة،لإحقاق الحريات العامة والخاصة،لإفراز تغيرات جذرية في النظم الحاكمة للبناء المجتمعي بشتى أشكاله،وإلا لما كانت كل تلك الدماء التي أنتجتها الثورات على مدار التاريخ الإنساني!.ولكن من المؤكد أن الثورات لا تُحدث قطيعة كاملة عن السياق التاريخي الذي نتجت عنه،أي أن البنية التاريخية والاجتماعية يُعاد تشكلها ثانية تحت رداء نظام جديد يُسمى ثورة.
فيظل المرشد العام للثورة الإيرانية هو إعادة صياغة للحاكمية المطلقة المتسمة بالتقديس،ومهما بدا على مستوى السطح من الحريات المتجسدة مثلاً في انتخاب رئيس الجمهورية،إلا أنها تتم تحت مظلته في (مجلس صيانة الدستور) ـ كما أشرنا في المقالة السابقة ـ وهذا ينسحب على بقية السلطات التنفيذية المتمثلة في مجلس الوزراء،وفي حال عزل الرئيس أو موته يتولى مكانه نائبه الذي وافق عليه المرشد من قبل أو نائب يُعينه المرشد إذا لم يكن موجود،لحين عقد إنتخابات أخرى.
أما فيما يخص الجيش وقوات الحرس الثوري،فيشترط كما ورد في الدستور إسلامية الجيش ولا يحق لأصحاب الجنسيات المتعددة الالتحاق بالجيش أو قوات الحرس الثوري،وعلى قوات الحرس الثوري الاستمرار في القيام بحماية الثورة وإنجازاتها ( وهذا معنى فضفاض فالجيش مسؤول عن الدفاع عن الوطن وحماية الحدود وهذا واضح ولكن ما معنى الحفاظ على الانجازات الثورية علي يد الحرس الثوري وكأن هناك تعارضاً بين الوطن والثورة) ،فهناك اختلاف بين الجيش كمؤسسة عسكرية وبين الحرس الثوري المتكون أثناء قيام الثورة من قوات شعبية غير نظامية ثم تم وضع نُظم لها لتدخل تحت مظلة القوات النظامية بشكل عام،هذا التعارض قد نتناوله في سياق آخر عن المؤسسة العسكرية في إيران وتطورها.
أم فيما يخص السلطة التشريعية،فهي تنقسم إلى قسميين رئيسيين أولهما (مجلس الشورى)البرلمان، ويشترط في أعضاءه الإسلام العميق الصادق (ولا أدري كيفية الحكم على هذه النقطة!)،ويتم بواسطة الإنتخاب المباشر،بالتدرج الطبيعي بوجود مجالس إدارية صغيرة (تشبه المجالس المحلية) وصولاً للبرلمان. ومحجوز بالمجلس خمس مقاعد للأقليات غير المسلمة،فهناك مقعد لليهود،ومقعد للزادشتيين،وواحد للمسيحيين الآشوريين،وإثنين للمسيحيين الأرمن،من تعداد يصل إلى 290 مقعداً،ويُنظر في عدد المقاعد كل عشر سنوات حسب التغيرات الديموغرافية في إيران.نلاحظ أن الأساس في منح المقاعد تعتمد على المفاهيم الدينية والعرقية،أي ليس كل من هو داخل الحدود الإيرانية إيراني كامل المواطنة،بل تظل هناك أزمات الأقليات التي يعاني منها المجتمع الإيراني خاصة في ظل الدولة الدينية.
ومهام مجلس الشورى مناقشة خطط الحكومة،وكل الإتفاقيات الدولية والحدودية،مساءلة الحكومة وممثليها،وإمكانية سحب الثقة منهم،ولكن من المؤكد عدم مساءلة المرشد العام أو توجهاته،ومدة الدورة في مجلس الشورى لا تتعدى أربع سنوات.
ولكن تتم مراجعة كل قرارات المجلس من قبل مجلس صيانة الدستور،وهو الجانب التشريعي الآخر ومكون من (12) فرد يختار المرشد منهم 6، وغالباً ما يتم فض الاختلافات عن طريق المرشد في النهاية.
ثم تأتي السلطة القضائية،وهي ذات تقسيم يبدوا عكسياً،فوزير العدل معين من قبل رئيس الحمهورية ـ هذا منطقي ـ ولكن ليس للرئيس الحرية المطلقة فالذي اختاره يكون من قائمة معدة مسبقاً من قبل (رئيس الهيئة القضائية) وهو المعين مباشرة من قبل المرشد،بحيث يُعين شخص يُعرف بالعدالة والفقهية،فالقضاء سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية فقط،والغريب أنه من حق رئيس الهيئة القضائية محاسبة المرشد والرئيس عن أموالهم ولا أعلم كيف يمكن ذلك في ظل تعيين المرشد مباشرة له.وهذا يبدوا بديهياً في ظل دولة تؤمن أنه لا حاجة للقانون في ظل الشرع،فالقضاء مشرف على تنفيذ القانون الإلهي فقط.
ثم يأتي مجلس آخر مستحدث في تعديل الدستور عام 1989 وهو مجلس (تشخيص مصلحة النظام)، وهو مجلس مُعين من قِِبل المرشد مباشرة،مكون من 34 عضواً،دوره النظر في القضايا المثارة بين مجلس صيانة الدستور ومجلس الشورى،ويُعتبر دوره استشاري بالنسبة للمرشد وبالطبع ليست ملزمة له ومدته ثلاث سنوات.وهو القائم بمهام المرشد حال عجزه أو وفاته لحين اختيار المرشد الجديد.
وفي النهاية (المجلس الأعلى للأمن القمومي) ويرأسه رئيس الجمهورية،ومهامه تحديد المصالح الوطنية العليا بشكل نافذ بعد موافقة المرشد عيها بالطبع،وأهم أعضاءه القائد الأعلى للقوات المسلحة،رئيس الهيئة القضائية،ونواب عن المرشد يُعينهم المرشد.
هذا بشكل مختصر النظم المعقدة للحكم داخل إيران والتي تُعد التجلي النهائي لفكرة ولاية الفقيه، فهي دولة تعيين المرشد فقط ،ومن الممكن اختزالها أنها دولته المطلقة.
فيظل المرشد العام للثورة الإيرانية هو إعادة صياغة للحاكمية المطلقة المتسمة بالتقديس،ومهما بدا على مستوى السطح من الحريات المتجسدة مثلاً في انتخاب رئيس الجمهورية،إلا أنها تتم تحت مظلته في (مجلس صيانة الدستور) ـ كما أشرنا في المقالة السابقة ـ وهذا ينسحب على بقية السلطات التنفيذية المتمثلة في مجلس الوزراء،وفي حال عزل الرئيس أو موته يتولى مكانه نائبه الذي وافق عليه المرشد من قبل أو نائب يُعينه المرشد إذا لم يكن موجود،لحين عقد إنتخابات أخرى.
أما فيما يخص الجيش وقوات الحرس الثوري،فيشترط كما ورد في الدستور إسلامية الجيش ولا يحق لأصحاب الجنسيات المتعددة الالتحاق بالجيش أو قوات الحرس الثوري،وعلى قوات الحرس الثوري الاستمرار في القيام بحماية الثورة وإنجازاتها ( وهذا معنى فضفاض فالجيش مسؤول عن الدفاع عن الوطن وحماية الحدود وهذا واضح ولكن ما معنى الحفاظ على الانجازات الثورية علي يد الحرس الثوري وكأن هناك تعارضاً بين الوطن والثورة) ،فهناك اختلاف بين الجيش كمؤسسة عسكرية وبين الحرس الثوري المتكون أثناء قيام الثورة من قوات شعبية غير نظامية ثم تم وضع نُظم لها لتدخل تحت مظلة القوات النظامية بشكل عام،هذا التعارض قد نتناوله في سياق آخر عن المؤسسة العسكرية في إيران وتطورها.
أم فيما يخص السلطة التشريعية،فهي تنقسم إلى قسميين رئيسيين أولهما (مجلس الشورى)البرلمان، ويشترط في أعضاءه الإسلام العميق الصادق (ولا أدري كيفية الحكم على هذه النقطة!)،ويتم بواسطة الإنتخاب المباشر،بالتدرج الطبيعي بوجود مجالس إدارية صغيرة (تشبه المجالس المحلية) وصولاً للبرلمان. ومحجوز بالمجلس خمس مقاعد للأقليات غير المسلمة،فهناك مقعد لليهود،ومقعد للزادشتيين،وواحد للمسيحيين الآشوريين،وإثنين للمسيحيين الأرمن،من تعداد يصل إلى 290 مقعداً،ويُنظر في عدد المقاعد كل عشر سنوات حسب التغيرات الديموغرافية في إيران.نلاحظ أن الأساس في منح المقاعد تعتمد على المفاهيم الدينية والعرقية،أي ليس كل من هو داخل الحدود الإيرانية إيراني كامل المواطنة،بل تظل هناك أزمات الأقليات التي يعاني منها المجتمع الإيراني خاصة في ظل الدولة الدينية.
ومهام مجلس الشورى مناقشة خطط الحكومة،وكل الإتفاقيات الدولية والحدودية،مساءلة الحكومة وممثليها،وإمكانية سحب الثقة منهم،ولكن من المؤكد عدم مساءلة المرشد العام أو توجهاته،ومدة الدورة في مجلس الشورى لا تتعدى أربع سنوات.
ولكن تتم مراجعة كل قرارات المجلس من قبل مجلس صيانة الدستور،وهو الجانب التشريعي الآخر ومكون من (12) فرد يختار المرشد منهم 6، وغالباً ما يتم فض الاختلافات عن طريق المرشد في النهاية.
ثم تأتي السلطة القضائية،وهي ذات تقسيم يبدوا عكسياً،فوزير العدل معين من قبل رئيس الحمهورية ـ هذا منطقي ـ ولكن ليس للرئيس الحرية المطلقة فالذي اختاره يكون من قائمة معدة مسبقاً من قبل (رئيس الهيئة القضائية) وهو المعين مباشرة من قبل المرشد،بحيث يُعين شخص يُعرف بالعدالة والفقهية،فالقضاء سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية فقط،والغريب أنه من حق رئيس الهيئة القضائية محاسبة المرشد والرئيس عن أموالهم ولا أعلم كيف يمكن ذلك في ظل تعيين المرشد مباشرة له.وهذا يبدوا بديهياً في ظل دولة تؤمن أنه لا حاجة للقانون في ظل الشرع،فالقضاء مشرف على تنفيذ القانون الإلهي فقط.
ثم يأتي مجلس آخر مستحدث في تعديل الدستور عام 1989 وهو مجلس (تشخيص مصلحة النظام)، وهو مجلس مُعين من قِِبل المرشد مباشرة،مكون من 34 عضواً،دوره النظر في القضايا المثارة بين مجلس صيانة الدستور ومجلس الشورى،ويُعتبر دوره استشاري بالنسبة للمرشد وبالطبع ليست ملزمة له ومدته ثلاث سنوات.وهو القائم بمهام المرشد حال عجزه أو وفاته لحين اختيار المرشد الجديد.
وفي النهاية (المجلس الأعلى للأمن القمومي) ويرأسه رئيس الجمهورية،ومهامه تحديد المصالح الوطنية العليا بشكل نافذ بعد موافقة المرشد عيها بالطبع،وأهم أعضاءه القائد الأعلى للقوات المسلحة،رئيس الهيئة القضائية،ونواب عن المرشد يُعينهم المرشد.
هذا بشكل مختصر النظم المعقدة للحكم داخل إيران والتي تُعد التجلي النهائي لفكرة ولاية الفقيه، فهي دولة تعيين المرشد فقط ،ومن الممكن اختزالها أنها دولته المطلقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق